dimanche 11 septembre 2011

طعن النيابة بالاستئناف في الاحكام الجزائية الى اين؟


طعن النيابة بالاستئناف في الاحكام الجزائية الى اين؟
بقلم الاستاذ مصطفى صخري المحامي لدى التعقيب

لا نزاع ان النيابة عملا بأحكام الفصل 20 من مجلة الاجراءات الجزائية تمثل المجتمع فهي التي تثير الدعوى الجزائية في حقه و تسهر على متابعتها في مختلف الاطوار و المراحل التي قد تمر بها انطلاقا من الابحاث التي قد تأذن بها او تحال عليها من اعوان الضابطة العدلية الى اتخاذ قرار في شأنها بفتح تحقيق او احالة الجاني على المحكمة المختصة للمحاكمة توصلا الى استصدار حكم جزائي و تنفيذه للقصاص من المتهم.

و ممارسة النيابة الطعن بالاستئناف كطريق طعن عادي ظل يثير جدلا لاختلاف اجتهادات المحاكم في شأنه من ذلك هل لها الرجوع فيه من عدم ذلك؟ و ان كان نص القانون صريحا وفقا لاحكام الفصل 217 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي جاء به:" لكل مستأنف بإستثناء النيابة العمومية ان يرجع في استئنافه و هذا الرجوع يجب ان يكون صريحا و لا يمكن العدول عنه".

و في الحقيقة فلقد تشدد المشرع في صياغة الفصل المذكور خاصة انه يفترض ان للنيابة تقدير مدى وجاهة طعنها من عدمه و لها بالتالي الرجوع في طعنها ان ارتأت ان طعنها لا يستقيم او انه مرفوض شكلا من ذلك مثلا اذا كان مرفوعا خارج الاجل القانوني او انه لا جدوى عملية منه خاصة انه يفترض في أي طعن انه يبنى على اسانيد قانونية جدية و غني عن البيان القول انه على النيابة ان تقدر مدى وجاهة طعنها عند رفعه فطعونها ليست آلية و انه يجب عليها ان تستأنف إن استأنف المتهم خاصة انه لا نص قانوني اطلاقا يفرض عليها ذلك.

و لعل حرص المشرع على عدم تفريط النيابة في حق المجتمع الرامي كما سلف الى تتبع المجرم و محاكمته جعله يتشدد في تقييد النيابة بعدم الرجوع في طعنها بصفة مطلقة.

و لعل الجدل الذي يثار في ممارسة النيابة طعنها بالاستنئاف في الاحكام الجزائية يتمحور حول نطاق ذلك الطعن امام محكمة الدرجة الثانية و هل لها التوسع فيه بتغيير نطاقه الذي حددته حال رفع طعنها لدى محكمة الدرجة الاولى ؟

و الاجابة تبدو من الوهلة الاولى بالنفي بصفة قطعية غير ان الواقع العملي قد يبين خلاف ذلك، اذ قد تبادر النيابة بالجلسة الى طلب اعتبار طعنها شاملا حتى و ان سبق لها ان حددت اطاره عند رفع طعنها كأن تكون قد حررت طلباتها بخصوص تشديد العقاب دون تكييف التهمة خاصة ان للمحكمة ان تكيف الفعل المنسوب للمتهم و تعده جنحة بعد ان كانت الاحالة في جناية عملا بأحكام الفصل 171 من مجلة الاجراءات الجزائية، و عليه فهل ان عدم طعن النيابة بالاستئناف في ذلك التكييف الجديد من شأنه ان يجعل الاحالة قد اتصل بها القضاء ؟ ام للمحكمة الاستئنافية ان تعيد النظر في كامل جوانب القضية بمجرد طعن النيابة حتى و ان حددت اطاره ؟

و السؤال الذي يطرح هنا هو مدى تقيد الدائرة الاستئنافية المتعهدة بطعن النيابة بما قيدته هذه الاخيرة كتابة عند تسجيل طعنها كما تقدم؟

و لدراسة ذلك سنتولى هنا بغاية الايجاز التركيز على الاثر الناشر للاستئناف ([1]) و ما استقر عليه فقه القضاء و آراء شراح القانون بخصوص مدى تقيد المحكمة الاستئنافية بطعن النيابة مع الاشارة ان الاثر الثاني للاستئناف أي الاثر الموقف للتنفيذ - ما لم يكن المتهم موقوفا او كان الحكم محل الطعن محلى بصيغـة النفاذ العاجل -لا يهمنا هنا-، و لقد تبنى المشرع التونسي ذلك الاثر بالفصل 214 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي ورد به:" يوقف تنفيذ الحكم خلال اجل الاستئناف و اثناء نشر القضية الاستئنافية".

و عن الاثر الانتقالي للاستئناف يقول بعض شراح القانون ان الاستئناف طريق طعن ينشر الدعوى من جديد امام محكمة اعلى درجة من المحكمة المطعون في حكمها و الغاية من ذلك مراجعة الحكم محل الطعن لتعديله او نقضه كليا او جزئيا بالادانة او البراءة([2]).

و بناء على ما تقدم فإن المحكمة الاستئنافية مقيد نظرها من الناحية الجزائية بإستئناف النيابة و إستئناف المتهم ان رفع طعنه و كان له مصلحة من ممارسته عند الاقتضاء و ذلك الاثر لا يملكه القائم بالحق الشخصي اذ لا يتصور ان استئنافه من شأنه ان يحور الاحالة او يشدد في عقوبة المتهم عملا بأحكام الفصل 216 من م ا ج فالثابت انه علاوة على ذلك لا يملك اطلاقا تغيير الوصف القانوني الذي اصبغته محكمة البداية على الفعل المنسوب للمتهم و عليه فإن المحكمة لا يمكن لها اطلاقا ان تتجاوز اثر ذلك الطعن بما ان اثر الطعون نسبي و في حدود ما تسلطت عليه و بناء على ذلك ايضا فإنه ليس للمحكمة اعادة تكييف الفعل المنسوب للمتهم بما قد يضر به و المسألة ليست محل نزاع من فقه القضاء و شراح القانون و لقد ورد بقرار تعقيبي جزائي في ذلك المعنى: "الطعن بالاستئناف ينقل القضية برمتها لمحكمة الدرجة الثانية لكن في حدود ما جاء بعريضة الاستئناف فإستئناف النيابة و المتهم دون شركة التامين لا يخول للمحكمة نقض الحكم الابتدائي من حيث الغرم"([3]).

كما ورد بقرار آخر في المعنى نفسه: "ان كان للاستئناف مفعول انتقالي يمكن محكمة الاستئناف من النظر في كافة عناصر القضية لكن في حدود مطلب الاستئناف الذي تعهدت المحكمة بموجبه" ([4]).


يتضح مما سلف انه لا يمكن لمحكمة الاستئناف ان تنظر الا في حدود ما تضمنـه مطلب الاستئنـاف المرفوع لدى محكمةالدرجة الاولى و يستخلص من ذلك انه ليس لمحكمة الاستئناف ان تبت في جانب معين من الحكم الجزائي لم يقع الطعن في شأنه من قبل المستأنف سواء كانت النيابة او غيرها من الاطراف كالقائم بالحق الشخصي او المسؤول المدني او المتهم كأن يقصر المظنون فيه طعنه على الجانب الجزائي من الحكم او جانبه المدني و قد ورد بفقه القضاء تأكيدا على تقيد محكمة الاستئناف بما حدد بمطلب الطعن: "لا تقضي محكمة الاستئناف الا في حدود عريضة الاستئناف المرفوعة لديها بصفة قانونية و ذلك بدون التفات الى الطلبـات التي يقدمها المستأنف و تكون خارجة عن حدود تلك العريضة" ([5]).

و يتفق شراح القانون على أن الطعن بالاستئناف لا يخول المحكمة الاستئنافية النظر الا فيما تسلط عليه الطعن فلقد جاء على لسانهم في ذلك المعنى علاوة على ما تقدم: "للنيابة العمومية حصر استئنافها في الدعوى الجزائية سواء فيما يتعلق بالوقـائع او الاشخاص و بطبيعته فهو محدد بالصالح العام و هو طعن يختلف عن طعن القائم بالحق الشخصي ... ان طعن النيابة يكون قاصرا فيما يتعلق بآثاره على ما جاء بمطلب الطعن ... ان للنيابة حصر طعنها في تهم معينة او ضد متهمين دون غيرهم..."([6]).

و يجمع شراح القانون على تقيد محكمة الاستئناف بما تسلط عليه الطعن فلقد ورد على لسان احدهم في السياق نفسه: "ان طرح الدعوى امام محكمة الاستئناف يجب ان يكون ضمن نطاق وحدود معينة لا يجوز تجاوزها ..." ([7]). و يضيف عن استئناف النيابة: "النيابة هي احدى خصوم الدعوى الجزائية وقد اعطيت حق الاستئناف باعتبارها الامينة عن مصالح المجتمع وان الاستئناف المقدم من النيابة يثير الدعوى بجميع جهاتها لدى محكمة الاستئناف ما لم يكن ورادا على جهة معينة فيقتصر مفعوله على هذه الجهة" ([8]).

كما يضيف آخر عن الاثر النسبي للاستئناف: "تتقيد محكمة الاستئناف بما ورد في تقرير الاستئناف من وقائع و اجراءات و ادلة" ([9]).

كما يقول بعضهم ايضا: "لا يترتب عن الاستئناف طرح الدعوى برمتها كما عرضت على محكمة اول درجة الا اذا كان تقرير الاستئناف شاملا لجميع الوقائع التي رفعت بها الدعوى اما اذا اقتصر المستانف طعنه على بعض ما حكم به فان المحكمة الاستئنافية تتقيد بما ورد في تقرير الاستئناف فمثلا يجوز للنيابة العامة ان تقرر الاستئناف في تهمة دون اخرى او بالنسبة لمتهم دون آخر..."([10]).

كما ورد بقرار اخر في المعنى نفسه ايضا: "و لئن كان الطعن في الاحكام بطريق الاستئناف ينقل القضية برمتها الى محكمة الدرجة الثانية لكن في حدود عريضة الاستئناف و تفريعا على ذلك يكون موجبا للنقض القرار الاستئنافي الجناحي الذي قضى بنقض الحكم الابتدائي القاضي بالغرم مع ان المحكوم عليه بذلك الغرم لم يكن من جملة المستأنفين للحكم الابتدائي المنقوض لفائدته" ([11]).

و السؤال هنا دائما هل يمكن ان ننظر الى ان من آثار استئناف النيابة انه مطلق و شامل؟ و انه ناقل للدعوى بكافة عناصرها من حيث نطاقها و قرار الاحالة حتى و ان حور؟ من قبل محكمة الدرجة الاولـى و من حيث اطرافهــا و وقائعها و التهم؟ و هل للنيابة التوسع في استئنافها؟ و ان تعدل عن موقفها عند رفع الطعن؟ و ان تطلق نطاق ما قيدته؟ و ان تتمسك بذلك عند المحاكمة بالطور الاستئنافي لتناقض موقفها عند رفع الطعن؟ هكذا رغم انه نطاق طعنها جاء كتابة ودقيقا؟

و الاجابة قطعا لا في نظرنا كما سلف فاستئناف النيابة له نفس الاثر الذي لاستئناف بقية الاطراف من حيث مناطه خاصة ان الاصل هو المساواة في الاجراءات الجزائية لمختلف اطراف الدعوى الجزائية ([12]) علاوة على ذلك فإنه لو رام المشرع منح النيابة امتيازا عن بقية الاطراف فيما يتعلق باثر طعنها وان للنيابة ان تتوسع في استئنافها بالطور الاستئنافي مشافهة بالجلسة و يسجل ذلك بمحضر الجلسة عند المحاكمة وفق ما اقتضاه الفصل 143 من مجلة الاجراءات الجزائية و عليه فلو اتجهت ارادة المشرع الى ذلك و ان للنيابة ان تعدل طلباتها كما تشاء لنص على ذلك صراحة خاصة واننا في مادة جزائية لا يمكن بحال التوسع في تفسير نصوصها تطبيقا لاحكام الفصل 199 من مجلة الاجراءات الجزائية خاصة ان ذلك من شأنه المس من مصلحة المتهم الشرعية.

و في الحقيقة فإن محكمة التعقيب كانت حاسمة في موقفها و أكدت وجوب تقيد محكمة الاستئناف بما تسلط عليه الطعن و لا يمكن للنيابة ان تتوسع فيه لدى محكمة الدرجة الثانية سواء طالبت النيابة بذلك ام لم تطلب فلقد ورد بقرار صادر عن دوائرها المجتمعة في ذلك المعنى: "ان العـام مهمـا اطلق و لم يقيد بقي اطلاقه و عمومه و لا يمكن للمحكمة تخصيصه اما المستأنف غير النيابة العامة فيمكنه ذلك لانه يمكنه الرجوع في الاستئناف كله حسب الفصل 217 من المجلة المذكورة و من امكنه الاكثر امكنه الاقل و لذلك فالنيابة العمومية التي لا يمكنها الرجـوع في الاستئناف لا يمكنها حصر استئنافها العام اثناء النشر و اما الاستئناف الخاص فلا يمكن تعميمه من طرف أي كان لانه من باب الزيادة فيه "([13]).

اما في فقه القضاء المقارن فلقد ذهبت محكمة النقض المصرية الى نفس ذلك المعنى بخصوص وجوب تقيد المحكمة الاستئنافية بآثار النقض اذ تقول: "استئناف النيابة وان كان لا يتخصص بسببه الا انه يتحدد حتما بموضوعه فلا تتصل المحكمة الاستئنافية بغير الموضوع الذي طرح لديها بموجب تقرير الاستئناف المرفوع من النيابة العامة انه جاء مقصورا على ما قضى به الحكم المستانف في الجريمة الثانية وحدها مما يلزم قصره في موضوعه على هذا النطاق وذلك للدلالة الصريحة للقيد الذي وضعته النيابة العامة في تقريرها وعدم امكانية صرفه الى ما قضى به في الجريمة الاولى و من ثم فان تعرض المحكمة هو تصد لواقعة لم تتصل بها بموجب تقرير الاستئناف وقضاء بما لم تطلبه النيابة العامة و- هي الخصم المستانف مما يعيب حكمها" ([14]).

نخلص الى القول من خلال ما سلف ان طعن النيابة بالاستئناف لا يمنحها اي امتيـاز عن بقيـة اطراف الدعوى الجزائية من حيث نطاقه و موضوعه فمتى حددت اطار استئنافها سواء فيما يتعلق بتهمة معينة او متهمين مشمولين بالدعوى فإن نظر محكمـة الاستئنـاف مقيـد بذلك و ليس للنيابة بمحكمة الدرجة الثانية ان تتوسع في اطار الاستئناف او ان نتدارك امرا غفلت عنه ليشمل طعنها تهما او متهمين لم تكن موضوع طعنها المرفوع لدى محكمة الدرجة الاولى لاتصال القضاء بما لم يشمله الطعن خاصة اننـا في مـادة اجرائيـة جزائيـة لا مجال فيها للاجتهاد و القياس و التاويل و صياغة النصوص الاجرائية مهما كانت طبيعة المادة تحتم وجوب التقيد بالنص القانوني كما هو الحال لما اقتضاه الفصل الاول من المجلة الجزائية الذي ورد به: "لا يعاقب احد الا بمقتضى نص من قانون سابق الوضع لكن اذا وضع قانون بعد وقوع الفعل و قبل الحكم البات و كان نصه ارفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون غيره" وهو ما نص عليه ايضا الفصل 13 من الدستور الذي ورد به: "العقوبة شخصيـة و لا تكون الا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع" علاوة على ذلك فالثابت ان المتهم قد كفل له الدستور محاكمة عادلة وفق احكام فصله 12 الذي جاء به: "كل متهم يعتبر بريئا الى ان تثبت ادانته في محاكمة تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه".

و بناء على ما سلف فإن من حق أي طرف من اطراف الدعوى الجزائية ان لا يفاجأ بالطور الاستئنافي بما قد يعكر حالته و يضر بمصالحه خاصة انه اذا قلنا ان للنيابة ان تتوسع في طعنها بالطور الاستئنافي فعلينا ان نقر ذلك الحق لكافة اطراف الخصومة كالمتهم و المسـؤول المدنـي و القائم بالحق الشخصي وهو ما لا يمكن ان نتصوره البتة في أي طعن.


قرار تعقيبي جزائي عدد 846 صادر بتاريخ 11/06/1977
الطعن بالاستئناف ينقل القضية برمتها لمحكمة الدرجة الثانية لكن في حدود ما جاء بعريضة الاستئناف فإستئناف النيابة و المتهم دون شركة التامين لا يخول للمحكمة نقض الحكم الابتدائي من حيث الغرم
نشرية محكمة التعقيب لسنة 1978 القسم الجزائي ج 2 ص 138

قرار تعقيبي جزائي عدد 3622 مؤرخ في 17/11/1965
ان كان للاستئناف مفعول انتقالي يمكن محكمة الاستئناف من النظر في كافة عناصر القضية لكن في حدود مطلب الاستئناف الذي تعهدت المحكمة بموجبه
مجلة القضاء و التشريع لسنة 1966 ص 84
قرار تعقيبي جزائي عدد 3178 مؤرخ في 11/11/1964
لا تقضي محكمة الاستئناف الا في حدود عريضة الاستئناف المرفوعة لديها بصفة قانونية و ذلك بدون التفات الى الطلبـات التي يقدمها المستأنف و تكون خارجة عن حدود تلك العريضة
نشرية محكمة التعقيب لسنة 1964 ج 1 ص 123
قرار تعقيبي جزائي عدد 5507  مؤرخ في 12 جوان 1968
و لئن كان الطعن في الاحكام بطريق الاستئناف ينقل القضية برمتها الى محكمة الدرجة الثانية لكن في حدود عريضة الاستئناف و تفريعا على ذلك يكون موجبا للنقض القرار الاستئنافي الجناحي الذي قضى بنقض الحكم الابتدائي القاضي بالغرم مع ان المحكوم عليه بذلك الغرم لم يكن من جملة المستأنفين للحكم الابتدائي المنقوض لفائدته
مجلة القضاء و التشريع عدد 3 و 4  لسنة 1969 ص 51.


قرار تعقيبي جزائي عدد 2679 صادر عن الدوائر المجتمعة بتاريخ 04/02/1983
ان العـام مهمـا اطلق و لم يقيد بقي اطلاقه و عمومه و لا يمكن للمحكمة تخصيصه اما المستأنف غير النيابة العامة فيمكنه ذلك لانه يمكنه الرجوع في الاستئناف كله حسب الفصل 217 من المجلة المذكورة و من امكنه الاكثر امكنه الاقل و لذلك فالنيابة العمومية التي لا يمكنها الرجـوع في الاستئناف لا يمكنها حصر استئنافها العام اثناء النشر و اما الاستئناف الخاص فلا يمكن تعميمه من طرف أي كان لانه من باب الزيادة فيه
مجموعة قرارات الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب سنوات 1961/1992




[1])  عن ذلك الاثر راجع مؤلفنا: طرق الطعن في الاحكام الجزائية أوربيس تونس 1995 ص 123.
[2] ) R . Merle et A . vitu : Taité de droit criminel : Procedure pénale – Edition Cujas  3éme édition – France 1980 P 796
[3]) قرار تعقيبي جزائي عدد 846 صادر بتاريخ 11/06/1977 نشرية محكمة التعقيب لسنة 1978 القسم الجزائي ج 2 ص 138.
[4]) قرار تعقيبي جزائي عدد 3622 مؤرخ في 17/11/1965 مجلة القضاء و التشريع لسنة 1966 ص 84.
[5]) قرار تعقيبي جزائي عدد 3178 مؤرخ في 11/11/1964 نشرية محكمة التعقيب لسنة 1964 ج 1 ص 123.
[6]) L’appel du minisètre public peut être limité dans ses effets par le contenu même de l’acte d’appel… le ministère public peut, quant aux faits, limiter son appel à certains chef du jugement de première instance, le ministère public peut, quant aux personnes limiter son appel à l’un ou à quelques uns seulement des prévenus.
Garraud (R), garraud (P) ; Traité Théorique et pratique d’instruction criminelle et de procedure pénale. Tome cinquième Sirey. Paris France 1928.

[7]) الوسيط في شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية محمد الحلبي منشورات دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الاردن 1996 ص 286 .
[8]) نفس المرجع المشار اليه بالهامش السابق ص 295 .

[9]) ممدوح خليل البحر اصول المحاكمات الجزائية نشر مكتبة درا الثقافة عمان الاردن 1998 ص 341 .

[10])ادوار غالي الذهبي الاجراءات الجنائية مكتبة غريب القاهرة مصر 1990 ص 856.
[11]) قرار تعقيبي جزائي عدد 5507  مؤرخ في 12 جوان 1968 مجلة القضاء و التشريع عدد 3 و 4  لسنة 1969 ص 51.

[12]) راجع عن المساواة في الاجراءات الجنائية: مؤلف بذلك العنوان لفتوح الشاذلي دار المطبوعات الجامعية الاسكندرية مصر 1990.
[13])قرار تعقيبي جزائي عدد 2679 صادر عن الدوائر المجتمعة بتاريخ 04/02/1983 مجموعة قرارات الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب سنوات 1961/1992.
[14]) نقض صادر بتاريخ 10/05/1988 مشار اليه بمؤلف قانون الاجراءات الجنائية حسن علام طبعة ثانية منشأة المعارف الاسكندرية مصر 1991 ص 691.

دولة امازيغية و اخرى عبرية في تونس: انها الطامة الكبري


دولة امازيغية و اخرى عبرية في تونس: انها الطامة الكبري

بقلم الاستاذ مصطفــــــــــى صخـــــــــــــــري محام لدى التعقيب
و مـــــــــدرس بالمعهـــــــــــــــــد الاعلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى للمحــــــــامــــــــــاة
و كلية العلـوم القانونية و السياسية و الاجتماعية بتونس

شد انتباهي و انا اطالع الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر بتاريخ 02/08/2011 المتعلق بالاعلانات القانونية و الشرعية و العدلية اشهارا يخص تكوين جمعية ترأسها طالبة تحمـــل اسم "الجمعية التونسية للثقافة الامازيغية"  اما اعضاؤها فهم كالتالي:
-      مساعد الرئيس: تاجر ماشية
-      الكاتب العام: استاذ تعليم
-      امين المال: طالب
-      اضافة الى اعضاء آخرين: محـــــــــام و قيــــــــم و عامـل يومي و استاذ تعليم و موظف و طالب و فني

و من اهداف الجمعية المذكورة وفق ما جاء باشهارها حرفيا:
{- احيــــــــــاء المخزون الحضاري الامازيغي لتونس ماديا كـان او غيــــــــر مــــــــادي و تطويـــــــــره و التعريف به بالداخل و الخارج و تثمينه و استغلاله في خدمة التنمية الشاملة لا سيما بالمناطق الامازيغية...
- احياء استعمال كتابة (التيفناغ) كأداة للتعبير عن اللغة الأمازيغية و تدوينها...
- المساهمة فــــــي بنـــــــــاء ثقافــــــــة تونسيـــــــــة متكاملـــــــــــــة قائمة على التعدد و التنوع و الاختلاف و المشاركة دون اقصاء او تهميش}

و يبدو انه لا فرق لدى مكوني هذه الجمعية بين اللهجة و اللغة على فرض وجود لهجة امازيغية بتونس اي اللهجة التي كانت معروفة بالشلحة و حسب بعض المصادر فأهم اللهجات الامازيغية: {اللهجة الشاوية، القبائلية، الزناتية، المزابية، الشناوية (الجزائر) - اللهجة الزناتية، السوسية، الريفية، الاطلسية (المغرب) - اللهجة الزوارية، النفوسية،  الغدامسية (ليبيا) - اللهجة الشلحية في مناطق في أقصى الجنوب التونسي وخاصةً في جربة  - اللهجة السيويه (مصر(}

و نسوق ذلك حرفيا مثلما ورد ببعض المصادر مع التــــــــــأكيد ان "الشلحة" قد اندثرت بتونس و اضحت اللغة العربية هي اللغة التي تنطقها بلادنا من شمالها الى جنوبها

تخيلوا جمعية في هذا الوقت لاحياء "اللغة الامازيغية" بالمناطق الناطقة بها" و دون "اقصاء او تهميش حسب تعبير مكونيها"! سبحان الله! هل لدينا بتونس مناطق وفق ما أسموه بها "لغة" خاصة بها! هل هذه انجــــــــازات الثورة؟ و هل هكـــــــــذا نشجـــــــــع على تكوين الجمعيــــــــات و حريــــــــة التنظم و حرية الرأي؟

و لعل السؤال الذي يفرض نفسه حتما هل هذه جمعية علمية ثقافية ام جمعية لتخريب وحدة البلاد و العباد فالجميع لازال يتذكر اياما سوداء بعد ثورة 14 جانفي اتسمت بالاقتتال بتعلة "النعرات العروشية" على فرض صحة التسمية التي هزت مناطق آمنة كالمتلــــــــوي و جبنيانة و السند و غيرها و اتضح ان ايادي خفية كانت تحركها

و ما تجدر الاشارة اليه ان تكوين هذه الجمعية جاء خارقا احكام الفقرة الاولى من الفصل الثاني من القانون عدد 154 لسنة 1959 المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 المتعلق بالجمعيات  التي جاء بها: لا يمكن بأية حال ان يكون الغرض الذي عقدت من اجله الاتفاقية و الغاية التي ترمي اليها مخالفة القوانين و الاخلاق الحميدة او من شأنها ان تخل بالامن العام او تنال من وحدة التراب الوطني و من النظام الجمهوري للدولة

يتضح من ذلك ان المشرع قد منع تكوين اي جمعية من شأنها ان تنال من وحدة البلاد


و في الحقيقة ما كان لجمعية ان تؤسس هكذا و ما كان لولاية تونس ان تصمت وهي التي قدم لها ملف الجمعية المذكورة اذ كان عليها حتمـــــــا ان ترفـــــــض فـــي الابــــــــان منحها تأشيرة و بخلاف ذلك فلقد ارتكبت خطأ فضيعا مميتا اذ لا مبرر البتة ان تؤسس جمعية على هذا النمط فالثابت انها تفتعل واقعا لا وجود له فأين "التهميش و الاقصاء" المزعومين و اين "اللغة الامازيغية" المدعى تكلمها بمناطق بتونس؟

اذن علينا ان نحذر اي جمعية او حــــــــزب سيـــــــــاسي يوحي اننا امام اقليات اثنية مضطهدة و مسكينة و مقهورة! فذلك من شأنه ان يبذر شقاقا و نعرات في تونس التي برهن ابناؤها على ان مصلحتهم واحدة و ان روابطهم التاريخية واحدة و ان انتماءهم واحد و على الجميع ان يحذر تكوين حزب او جمعية او منظمة قد تنخر وحدتنا مهما كانت نوايا مكونيها فقد تكون حسنة وهو الاصل الذي نفترضه غير انها لم تقدر العواقب فالثورة قد اشتعل نارها لــــرص الصفـــــــوف نحــــــــــو غد افضل و لقد استشهد ابناؤنا للعيش حياة كريمة شعارها الحرية و الديمقراطية و العزة و الوحدة

اضافة لكل ذلك فعليناايضا ان نحذر المتربصين بالثورة و المتآمرين عليها سواء كانوا من داخل تونس او خارجها فلهؤلاء و لا شك اجندا جهنمية للقضاء على ثورات الربيع العربي وهو امر غير خاف فالاطماع كثيرة  

و يجب ان نصارح انفسنا و الحالة تلك ان اعداء الثورة قد يتعددون و يلبسون عباءتها زيفا و بهتانا فلنحذرهم و نحذر من قد يقف وراءهم فالتاريخ لن يرحمنا فاليوم جمعية "امازيغية" من اجل "ثقافة امازيغية" و احياء استعمال ما أسموه كتابة "التيفناغ" و اجزم انه ليس لها وجود بتونس و غدا قد تقع المطالبة بدولة امازيغية أو استقلال ذاتي أو وجوب ادراج اللهجة المزعومة كلغة رسمية الى جانب اللغة العربية كما هو الحال بالمغرب الاقصى و تلك الطامة الكبرى و قد يتعلل هؤلاء بأننا امام اقلية مضطهدة موجودة في الواقع و غدا ايضا جمعية "يهودية" لاحياء اللغة "العبرية" بتعلة اضطهاد اليهود رغم ان تونس للجميع و رغم انهم اخوتنـــــــــا و يعيشون بيننــــــــــا و ذلك حقهم و الجميع فــــــــي امن و سلام خلاصة القول ان اهداف الجمعية المشار اليها اعلاه لا اصل او سند لها اذن حذار حذار ثم حذار

ختاما اللهم احفظ تونس و ثورتها من اعدائها و دعوة ملحة و صادقة لكل طرف يغرد خارج السرب الى الانتباه و عليه الرجوع الى وعيه قبل ان يكنسه التاريخ



.وأهم لهجاتها:

استعمال تيفيناغ عند الأمازيغ

لقد تعطلت الكتابة بأبجدية تيفيناغ في معظم شمال أفريقيا بعد أن اختار الأمازيغ طوعا أو كرها الخط اللاتيني، غير أن الأمازيغ المسمون بالطوارق حافظوا على هذه الكتابة.
تيفيناغ بالإضافة إلى أنه كتابة تدوين فهو أداة زينة وتجميل، فهو يظهر مزينا للزرابي الأمازيغية التي ذاع سيطها، كما أنه كتابة تزين حلي الأمازيغ إلى يومنا هذا عند الطوارق، وهو جزء من الأشكال الزخرفية للحناء كما يبدو في صفحة الإشهار للإذاعة المغربية أ.ت.م.، وحتى في الوشم عند الأمازيغ.
تيفيناغ القديم هو كتابة صامتة شأنها شأن الفينيقية القديمة والعبرية والعربية، غير أن اختيار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب لهذا الخط جعله يحضى باهتمام العديد من الباحثين الناشطين في الحقل الأمازيغي، وذلك لتطويره وجعله قادرا على مسايرة العصر، وبالفعل فقد خرج المعهد بكتابة تيفيناغ عصرية حاول استيعاب مجمل الحروف التي تستعملها مختلف اللهجات، ولقد نال تيفيناغ اعتراف منظمة الأيسوا، ويبدو أن هذا المجهود كان على مستوى دولي، إذ ساهم فيه المغاربة والجزائريون والليبيون والماليون والكنديون.

قرينــــة البــــراءة وضمانــــات المتهــــــم


قرينــــة البــــراءة وضمانــــات المتهــــــم([1])
  
مصطفـــــــــــى صخــــــــــــــــــــري
 محام لدى التعقيب ومدرس جامعي وبالمعهد الأعلى للمحاماة


المقدمـــــــــــــــــــــــــــــة:

I- تعريـــــف البــــــــــراءة :

     1-  اصل البراءة كما يقول احد شراح القانون هو ان لا يجازى الفرد عن فعل اسند اليه ما لم يصدر ضده حكم بالعقوبة من جهة ذات ولاية قانونية .
" ومؤدى قرينة البراءة ان يعامل المتهم مهما كانت جسامة الجريمة التي تنسب اليه على انه بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي وفقا للضمانات التي يقررها القانون "([2]).

 كما ورد على لسان شراح القانون في تعريفهم للبراءة بانها " معاملة الشخص – مشتبها فيه كان ام متهما – في جميع مراحل الاجراءات ومهما كانت جسامة الجريمة التي نسبت اليه على انه بريء حتى تثبت ادانته بحكم قضائي وفقا للضمانات التي يقررها القانون   " ([3] ) .

" والقرينة هي استنتاج مجهول من معلوم ([4]), والمعلوم هو ان الاصل في الاشياء الاباحة ما لم يتقرر العكس بحكم قضائي وبناء على نص قانوني سابق الوضع قبل وقوع الجريمة واستحقاق العقاب، والمجهول المستنتج من هذا الاصل هو براءة الانسان حتى تثبت ادانته بحكم قضائي" ([5])

وافتراض البراءة في جانب المشتبه به كما يقول بعضهم لاقى نقدا شديدا من قبل أنصار المدرسة الوضعية لما يرونه من تعارض بين المبدا وبين فلسفتهم المعتمدة في تصنيف المجرمين والتي تبنى على الاهتمام بشخص المجرم اكثر مما تهتم بالواقعة الاجرامية ذاتها ([6])  .


II - الاساس التاريخي لقرينة البراءة :

   2- اقرت الشريعة الاسلامية قرينة البراءة ،فلقد جاء بالاية الكريمة التالية حول وجوب اثبات الزنا باربعة شهود :[ وَالذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَأَجْلُدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةٌ أَبَدَا وَأُولَئِكَ هُمْ الفَاسِقُونْ]([7])
كما جاء بالحديث النبوي الشريف : [ ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فان وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله ، فان الامام لئن يخطئ في العفو ، خير من ان يخطئ في العقوبة ].

كما ورد على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في السياق نفسه مؤكدا  تشدد الشريعة الاسلامية في الاثبات بما ان الاصل براءة الانسان: " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال اموال قوم ودماؤهم ولكن البينة على من ادعى واليمين على من انكر ".

   3- وفي اطار تكريس قرينة البراءة في جانب المتهم لم تسلم الشريعة الاسلامية باقرار المتهم وتحرت منه وهو ما تؤكده الواقعة التي اتى فيها شخص يدعى " ماعز " لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونسب لنفسه الزنا واراد ان يقام في حقه الحد ، فامر به رسول الله ان يعرض لعله ان يكون قد شرب خمرا ذهب بعقله ، ثم لما تحقق الرسول انه مدرك لما يقول حاول ان يرده عن اعترافه المرة بعد المرة ، فقال لعلك قبلت ، قال " ماعز " بل زنيت ، فقال له الرسول لعلك لامست قال بل زنيت ، حتى لقد ساله الرسول : او تدري ما الزنا ؟ حتى يكون في رده ازاحة لاي شبهة ربما قد تكون قد شابت اعترافه بجرمه ، فلما اجاب " ماعز " بانه قد اتى منها حراما ما ياتي الرجل امراته حلالا ، اقام الرسول عليه الحد . ثم لما اراد " ماعز " اثناء رجمه فرارا بلغ ذلك رسول الله، فقال : هلا تركتموه وجئتموني به ؟ وكان الرسول قد راى في محاولة " ماعز " الفرار شبهة عدول عن اعترافه الذي اخذ به فاراد ان يستمع اليه من جديد وكأن اعترافا لم يصدر عنه ] ([8] ) .

  4- ولقد اسس الفقه الاسلامي اصل البراءة كما يقول احد فقهاء القانون على قاعدة استصحاب الحال ، أي بقاء كل شيء على ما كان حتى يوجد ما يغيره او يثبت خلافه . فالاصل اذا استدامة اثبات ما كان منفيا او نفي ما كان منفيا ، أي بقاء الحكم اثباتا ونفيا حتى ينهض الدليل المغاير . وفي ذلك يقول العلامة الشيخ محمد ابو زهرة رحمه الله :" الاستصحاب يؤخذ به في قانون العقوبات ، وهو اصل فيه ، لان الامور على الاباحة ما لم يقم نص يثبت التجريم والعقوبة ، وان قرينة المتهم بريء حتى يقوم دليل على ثبوت التهمة ... هي مبنية على الاستصحاب ، وهو استصحاب البراءة الاصلية " . واعتمادا على هذا التاسيس استنبط الفقه الاسلامي قاعدة ان ما يثبت باليقين لا يزول الا بيقين مثله ، ولا يزول بالشك . ([9]) .

III- قرينة البراءة من خلال المواثيق الدولية ودساتير الدول  :

    5- لقد كرست المواثيق الدولية قرينة البراءة ، فالمادة 11-1 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان المؤرخ في 10 ديسمبر 1948 قد نصت صراحة على ان كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان تثبت ادانته قانونا وفق محاكمة عادلة تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه .

ولقد نصت على ذلك ايضا المادة 14-2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي دخل حيز التنفيذ في 23 مارس 1976 فلقد جاء بها : " لكل فرد متهم بتهم جنائية الحق في ان يعتبر بريئا ما لم تثبت ادانته طبقا للقانون ".

   6-  وعلى الصعيد الاوروبي نصت المادة 6-2 من الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان على أن كل متهم ارتكب جريمة يعد بريئا حتى تثبت ادانته وفقا للقانون ولكل شخص الحق في التمتع بالحرية والامن وانه لا يجوز ان يحرم فرد من حريته الا في الحالات الاستثنائية، ويشترط ان يكون ذلك طبقا للقانون.
 ولقد اكد المؤتمر الثاني عشر لقانون العقوبات الذي عقد في هامبورغ سنة 1979 ان قرينة البراءة هي مبدا اساسي في العدالة الجنائية .
وتتضمن براءة المشتبه به:
1- انه لا يجوز إدانة احد ما لم تقع محاكمته طبقا للقانون في محاكمة منصفة.
2- لا يجوز توقيع عقوبة جنائية او أي جزاء مماثل على شخص ما لم تثبت ادانته طبقا للقانون .
3- لا يلزم احد باثبات براءته .
4- في حالة الشك يكون القرار لمصلحة الدفاع ([10]) .

   7-  وعلى المستوى الافريقي نص الاعلان الافريقي لحقوق الانسان والشعوب المؤرخ في 26 مارس 1981 بمادته 7-1 على ان كل شخص له الحق في قرينة البراءة الى ان تثبت ادانته من جهة قضائية مختصة .

   8-  وعلى المستوى العربي اكد مشروع حقوق الانسان والشعب في الوطن العربي الذي وضعه الخبراء العرب في شهر ديسمبر 1985 قرينة البراءة فلقد نصت المادة  5-2 من ذلك المشروع على ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته بحكم قضائي صادر من محكمة مختصة ([11]) .

وقرينة البراءة قرينة دستورية كرستها اغلبية الدساتير. ويرى شراح القانون ان الشرعية الدستورية في القانون الجزائي التي مفادها انه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني تفترض حتما قاعدة اخرى هي افتراض البراءة في جانب المتهم حتى يثبت جرمه وفقا للقانون ([12] ) .

   9-  ولقد نص الدستور التونسي في فصله 12 الوارد بالباب الأول المخصص للحريات والحقوق الاساسية على :"ان كل متهم بريء الى ان تثبت ادانته في محاكمة تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه ".

  وما تجدر الاشارة اليه ان المشرع قد استبعد قرينة البراءة في بعض المواضع جاءت بها نصوص قانونية ولقد غلب فيها قرينة الادانة ويمكن ان نشير الى بعضها فيما يلي :
* الفصل 98 - من المجلة الجزائية الذي ورد بفقرتيه الاولى والثانية : [على المحكمة في جميع الصور المنصوص عليها بالفصلين 96 و 97 ان تحكم فضلا عن العقوبات المبينة بهذين الفصلين برد ما وقع الاستيلاء عليه او اختلاسه او قيمة ما حصل عليه من منفعة او ربح ولو انتقلت الى اصول الفاعل او فروعه او اخوته او زوجته او اصهاره سواء بقيت تلك الاموال على حالها او وقع تحويلها الى مكاسب اخرى .
ولا يتحرر هؤلاء من هذا الحكم الا اذا اثبتوا ان ماتى هذه الاموال او المكاسب لم يكن من متحصل الجريمة .
وللمحكمة في جميع الصور الواردة بالفصلين المذكورين ان تسلط كل او بعض العقوبات المقررة بالفصل الخامس على اولئك المجرمين ].
* الفصل 232 - من المجلة الجزائية الذي ورد به : [ يعد وسيطا في الخناء ويعاقب بالسجن من عام الى ثلاثة اعوام ومن مائة دينار الى خمس مائة دينار كل من  :....
ثالثا : يعيش قصدا مع شخص يتعاطى عادة الخناء ولا يمكنه ان يثبت ان له مداخيل كافية تسمح له بان ينفق بمفرده على معيشته.
.... ].
* الفصل 276 - من المجلة الجزائية الذي اقتضى : [ يعاقب بالسجن مدة ستة اشهر الانسان الذي كان وقع عقابه سابقا بعقوبة بدنية لاجل اعتداء على ملك ووجد عنده نقود او رقاع مالية او امتعة وكلها غير مناسب لحالته ولو يمكن اثبات موردها الحقيقي .
والانسان الذي وجدت عنده آلات معدة بطبيعتها لفتح او خلع اقفال ولم يمكن بيان ما اعدت له حقيقة يعاقب بالسجن مدة عام ويحكم بحجز المال وما له قيمة والاشياء والآلات  ] .
* الفصل 58 – من مجلة الصحافة الذي ورد به حرفيا : [ كل نقل لامر منسوب وثبت قضائيا انه من قبيل الثلب يعتبر صادرا عن سوء نية ما لم يقع الادلاء بما يثبت خلاف ذلك] .
وما يلاحظ ان المشرع رجح بالفصول المتقدمة قرينة الادانة ولقد قلب عبء الاثبات في تتبع الجرائم في الحالات المذكورة اعلاه فهو لم يعد محمولا على النيابة وعلى المظنون فيه اثبات براءته مما هو منسوب له .

 ولدراسة قرينة البراءة والضمانات التي يجب ان يتمتع بها المشتبه به سنتطرق الى:
-      قرينة البراءة قبل المحاكمة ( I ) .
-      واثناء المحاكمة الجزائية  ( II ).





الجـــــــزء الاول :
 قرينة البراءة وضمانات المشتبه به قبل المحاكمة




   10- لا نزاع ان للابحاث الاولية اهمية بالغة على سير تتبع المظنون فيه ومآله خاصة فيما يتعلق بالقرار الذي ستتخذه النيابة على ضوئه ، فالباحث وفق ما نص عليه الفصل التاسع من م ا ج مكلف بمعاينة الجرائم وجمع ادلتها والبحث عن مرتكبيها وتقديمهم للمحاكم ما لم يصدر قرار في افتتاح بحث .

   11-  وفي مرحلة الابحاث الاولية واستقراء الادلة يتحتم على الباحث انجاز عمله وفق ما يدخل في وظائفه مع ضمان حرية المظنون فيه وسندرس ذلك في مرحلة اولى ( مبحث اول ) لنتعرض لاحقا الى ضمانات المشتبه به خلال مرحلة التحقيق ( مبحث ثان ) .

المبحث الاول : قرينة  البراءة وضمانات المشتبه به خلال الابحاث الاولية:
سنتطرق في هذا الاطار الى اربعة محاور : البحث عن الادلة (فقرة اولى) ، التقيد بمبادئ الشرعية والحياد والنزاهة ( فقرة ثانية ) ، ضمان حرمة الحياة الخاصة ( فقرة ثالثة ) ، الاحتفاظ بالمظنون فيه ( فقرة رابعة )   .

الفقرة الاولى - البحث عن الادلة :
   12-  يفترض في محضر البحث الاولي انه حرر من باحث مختص لتكون له حجيته وفق ما اقتضته احكام الفصلين 154 و 155 من م ا ج وانه جاء محترما لصيغة تحريره .

فلقد اقتضى الفصل 154 المذكور ان:" المحاضر والتقارير التي يحررها مامورو الضابطة العدلية او الموظفون او الاعوان الذين اسند لهم القانون سلطة معاينة الجنح والمخالفات تكون معتمدة الى ان يثبت ما يخالفها وذلك فيما عدا الصور التي نص فيها القانون على خلاف ذلك ..."

واثبات ما يخالف المحاضر او التقارير يكون بالكتابة او بشهادة الشهود ، كما نص الفصل 155 من نفس القانون على ان:" المحضر لا يعتمد كحجة إلا اذا كان من الوجهة الشكلية محررا طبق القانون وضمن به محرره ما سمعه او شاهده شخصيا اثناء مباشرته وظيفه في مادة اختصاصه ".

   13-  ومأمورو الضابطة العدلية المشار اليهم بالاعداد 2 و 3 و 4 من الفصل 10 من م ا ج ([13]) مساعدو وكيل الجمهورية ولهم عملا باحكام الفصل 11 من نفس القانون ما له من سلطات في الجنح والجنايات المتلبس بها ([14]) .

ولقد اوجب عليهم الفصل 11 المذكور اعلام وكيل الجمهورية بالاعمال التي يقومون بها في اطار ذلك .

ولقد خول المشرع صراحة بالفصل 13 من م ا ج ماموري الضابطة العدلية المشار اليهم بالعددين 2 و 3 من الفصل 10 من نفس القانون :
-      تلقي التقارير والاعلامات والشكايات والمحاضر .
-      البحث في حدود نظرهم الترابي عن كل جريمة مهما كان نوعها وتحرير المحاضر في ذلك .

14-  والبحث في الجرائم يلزم الباحث بان يتقيد بقرينة الاصل في الانسان البراءة .وعليه والحالة تلك يجب ان لا تتجه اعماله عند استقراء الجريمة وجمع الادلة الى تحقيقات الادانة وحدها ويحبذ كل ما يؤيدها من وقائع وشهادات، بل عليه موازنة ما للمتهم وما عليه بعين العدالة والانصاف كي يأمن وقوع أي شخص ضحية للاكاذيب والاباطيل وفي ذات الوقت يمكن ان يوصف هذا المحقق على انه الأداة السليمة التي تنشد تحقيق العدالة ([15]) .

الفقرة الثانية : التقيد بمبادئ الشرعية والحياد والنزاهة في اجراء الابحاث

   15-  ان حرص الباحث على الكشف عن الجرائم والبحث فيها سواء بصفة مباشرة او بمقتضى اذن من النيابة او انابة من قاضي التحقيق يفرض عليه انجاز عمله وفق ما اقتضته احكام القانون وهو امر يحتم عليه احترام حريات الافراد وحقوقهم وان خرقه ذلك كتسليطه اكراها ماديا او تعذيبا للمشتبه به قد يجعله عرضة لتتبع جزائي وفق احكام الفصلين 101 و 101 مكرر من المجلة الجزائية.([16] )

   16-  وقرينة البراءة التي يجب ان تسمو على ادلة الادانة بما انها الاصل  في الانسان قد تصطدم كما تقدم بما يصدر عن الباحث من تجاوزات خاصة انه لا يتبع كما يقول احد شراح القانون سلطة قضائية والذي يضيف عن اهمية الابحاث في مرحلة الاستدلال عن ارتكاب الجريمة:"  للبحث التمهيدي -التحريات- مزايا وعيوب فمن مزاياه انه يساعد كثيرا على الوصول الى الحقيقة لان الجهاز الذي يقوم به يتوفر على الامكانيات الفنية والمادية التي تسهل له القيام بمهمته .. ولكن مع ذلك يعيب البحث التمهيدي عدم خضوع الباحث فيه لاجراءت قانونية محددة تضمن حقوق المشبوه فيه وتقيه التعسف والشطط زيادة على انتماء القائمين بهذا البحث الى سلطة مستقلة غير قضائية يمنحهم حرية اوسع في العمل ويجعل الرقابة القضائية على تصرفاتهم ذات اثر محدود" ( [17])

والباحث علاوة على ما سلف ملزم في اطار وظائفه المتعلقة بالكشف عن الجرائم وتحرير المحاضر في شانها - بغض النظر عن كيفية تعهده بتلك المهمة-  بعدم السعي الى جمع الادلة بطريقة غير شرعية كما هو الحال عند استعمال وسائل حديثة للتنصت على الافراد دون اذن قضائي، فاثبات الجرائم يجب ان يكون بكافة الوسائل المخولة لذلك وفق احكام القانون وان كانت تثبت بمختلف وسائل الاثبات تطبيقا لاحكام الفصل 150 من م ا ج ( [18]).

وغني عن البيان القول هنا ان النيابة هي المحمولة في المادة الجزائية على اثبات التهمة في جانب المشتبه به ، فهي التي تثير الدعوى العمومية وتمارسها كما تطلب تطبيق القانون عملا باحكام الفصل 20 من م ا ج .

ويحتم مبدا النزاهة في جمع الادلة والبحث عن الجرائم عدم اعتماد وسائل علمية قد تمس من الحياة الخاصة للمشتبه به كما هو الحال عند اعتماد جهاز كشف الكذب او التنويم المغناطيسي او تسجيل المكالمات بالتنصت.

 ويقول بعضهم عن ذلك: " ان التنصت والتسجيل يبقى مهما حتمته الظروف اعتداء على قرينة البراءة وانتهاكا لحرية الشخص وان صار شرعيا فذلك باختيار التشاريع ولا يمكننا ان نحاول صنع لباس الوقار لهذه الوسائل " ، ويضيف :" لا بد لهيئات العدالة المطالبة بالنزاهة ان تقف سدا منيعا في وجه هذه الوسائل ، الا ان هذه الهيئات يعتريها نقص كبير يدعو الى الدفاع عنها وحمايتها كي تتمكن من حماية الافراد ([19])

   17-  ومن منطلق ان الانسان بريء حتى تثبت ادانته بحكم قضائي صادر عن محكمة مختصة تتوفر فيها جميع ضمانات المحاكمة العادلة فان الاثبات في المادة الجزائية يفترض فيه ان يكون قد راعى الشرعية الاجرائية كما سلف بما يحققه من ضمانات للمتهم ودون ان يخل ذلك بحق المجتمع في القصاص منه .

    18- ويرى شراح القانون ان النزاهة والحياد في البحث عن الادلة في المادة الجزائية ووجوب عدم التعسف في معاملة ذي الشبهة واحترام الذات البشرية يجد سنده في نصوص القوانين الوطنية والاتفاقات الدولية ودساتير الدول ( [20]) .

وهنا تجب الاشارة الى اتفاقية الامم المتحدة لسنة 1984 المتعلقة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللا إنسانية او المهينة الموقع عليها في نيويورك في 10 ديسمبر 1984 التي صادقت عليها تونس بالقانون عدد 79 لسنة 1988 المؤرخ في 11 جويلية 1988 ([21]) .

ولقد جاء بالمادة 2 – 1 من تلك الاتفاقية ان كل دولة تتخذ اجراءات تشريعية او ادارية او قضائية فعالة او اية اجراءات اخرى لمنع التعذيب في أي اقليم يخضع لاختصاصها القضائي .

ولقد ذهب فقه القضاء الى استبعاد تصريحات المشتبه به ان انتزعت منه عن طريق الاكراه المادي، اذ تقول محكمة التعقيب :" تراجع المتهم امام المحكمة في اعترافه الذي افضى به لدى الباحث الاولي بدعوى وقوعه تحت تاثير الاكراه وعدم وجود شيء يعزز ذلك الاعتراف يجعل حكمها بالبراءة معللا قانونا ".([22])

الفقرة الثالثة: ضمان حرمة الحياة الخاصة

     19-  ان قرينة البراءة وما يجب ان يتوفر للمتهم من ضمانات اثناء البحث الاولي يحتم على الباحث احترام الحياة الخاصة للمشتبه به وهو امر كرسته لاهميته البالغة المواثيق الدولية والنصوص القانونية ودساتير الدول ايضا ويتجلى ذلك خصوصا في وجوب احترام حرمة مسكن ذي الشبهة اذا استوجب الامر تفتيشه ، كما هو الحال اذا ضبط في حالة تلبس او ان هناك ادلة قوية على ثبوت الجرم وكان التفتيش امرا حتميا .

ولقد نصت المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية انه لا يجوز التدخل بشكل تعسفي او غير قانوني في خصوصيات احد او عائلته او بيته او مراسلاته ،كما لا يجوز التعرض بشكل غير قانوني لشرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون ضد مثل هذا التدخل والتعرض .




الفقرة الرابعة: الاحتفاظ بالمظنون فيه

     20-  ان الاحتفاظ بالمظنون فيه من قبل الباحث اجراء قد تمليه ضرورة البحث حسب تعبير المشرع بالفصل 13 مكرر من مجلة الاجراءات الجزائية الذي أضيف بالقانون عدد 40 لسنة 1987 والذي نقح عدة مرات كان آخرها بالقانون عدد 21 لسنة 2008 المؤرخ في 4 مارس 2008 .


    21-  ويفترض ان الباحث قد تولى الاحتفاظ بذي الشبهة   بناء على ادلة دامغة بارتكابه الجناية او الجنحة موضوع التتبع .

والاحتفاظ اجراء استثنائي حرص المشرع على تقييده بعدة قيود يهدف من خلالها الى تحقيق ضمانات للمظنون فيه ( [23])

وفي الحقيقة فان احكام الفصل 13 مكرر من م ا ج قد تشددت في القواعد المنظمة للاحتفاظ ونصت بصرامة على ما هو محمول على الباحث فيما يتعلق :
-      بوجوب عرض المحتفظ به على الفحص الطبي ان رام ذلك .
-      ووجوب اعلام الباحث احد اصوله او فروعه او اخوته او زوجته حسب رغبة المحتفظ به .


22- علاوة على ذلك فعلى الباحث ان يعلم ذي الشبهة باجراء الاحتفاظ المتخذ ضده ومدته وسببه بلغة يفهمها وهي اجراءات تقوي من قرينة البراءة في جانب المظنون فيه وتحميه من الانتهاكات التي يتعرض لها من الباحث .

وهذا الاجراء يفترض فيه ان الباحث ما لجأ اليه الا بعد ان افضت الابحاث كما سبق الى ثبوت تورط المظنون فيه بالجريمة كما هو الحال ان كان بحالة تلبس وفق ما حدده الفصل 33 من م ا ج ([24]) او تظافرت قرائن جازمة بنسبة الجرم اليه .

   23- ولا تعارض بين قرينة البراءة التي تظل في جانب المتهم والاحتفاظ به اذ لا يعني ذلك الاجراء مطلقا ثبوت الجريمة في حقه، فله دحضها وتقديم دليل براءته في أي طور من التتبع او المحاكمة، ضرورة - كما يقول بعضهم- ان مبدا اصل البراءة لا يقتصر اثره على الزام هيئة الاتهام باثبات وقوع الجريمة ونسبتها الى فاعلها فقط وانما يفرض عليها الى جانب ذلك معاملته على اساس انه بريء طوال فترة الاتهام حتى تثبت ادانته قطعيا ( [25]) .

   24- ولقد تعززت احكام الاحتفاظ بالمظنون فيه بموجب القانون الدستوري عدد 51 لسنة 2002 المؤرخ في غرة جوان 2002 ،فلقد اقتضت الفقرة الاولى من الفصل 12 من الدستور ان: "الاحتفاظ يخضع للرقابة القضائية ولا يتم الايقاف التحفظي الا باذن قضائي ويحجر تعريض أي كان لاحتفاظ او لإيقاف تعسفي ".   


المبحث الثاني : قرينة البراءة وضمانات المتهم اثناء التحقيق :

   25-  نصت احكام الفصل 47 من م ا ج على ان " التحقيق وجوبي في مادة الجنايات ، اما في مادة الجنح والمخالفات فهو اختياري ما لم ينص القانون على خلاف ذلك". كما نص الفصل 50 من نفس القانون على ان" حاكم التحقيق مكلف بالتحقيق في القضايا الجزائية والبحث بدون توان عن الحقيقة ومعاينة جميع الامور التي يمكن ان تستند عليها المحكمة لتاييد حكمها ".

   26- ولمرحلة التحقيق اهميتها الكبرى في استقراء الجريمة والبحث عن ادلتها وما توفره من ضمانات اكيدة للمشتبه به ،وهي ضمانات قد لا تتوفر في مرحلة البحث الاولي.

علاوة على ذلك فلحاكم التحقيق سلطات واسعة في البحث واصدار البطاقات اللازمة عند الاقتضاء. وسنتولى التعرض هنا لحضور المشتبه به لدى التحقيق (فقرة اولى ) وقرينة براءته وضماناته في تلك المرحلة ( فقرة ثانية ) .

الفقرة الاولى: حضور المشتبه به لدى التحقيق :

   27-  ان حضور المشتبه به لدى حاكم التحقيق لاستنطاقه اجراء حتمي تطبيقا لاحكام الفصل 68 من م ا ج الذي اقتضى: " اذا كان ذو الشبهة بحالة سراح يستدعى كتابة لاستنطاقه . والاستدعاء يتم بالطريقة الادارية او بواسطة العدل المنفذ ، وهو يحتوي على ما يلي :
اولا : اسم ذي الشبهة ولقبه وحرفته وعنوانه .
ثانيا : مكان الحضور وتاريخه وساعته .
ثالثا : نوع التهمة ."

وحضور ذي الشبهة لدى التحقيق سواء كان بحالة سراح او احتفاظ او بعد جلبه  تنفيذا لبطاقة جلب وفقا لاحكام الفصل 78 من م ا ج ( [26]) يشكل امرا اساسيا بما انه يمكن ذي الشبهة من الدفاع عن نفسه من خلال استنطاقه من قبل حاكم التحقيق.

   28- وفي الحقيقة فانه على حاكم التحقيق ان يتحرى من بلوغ الاستدعاء للمشتبه به بصفة قانونية بمقره قبل اصدار بطاقة جلب ضده في الحضور لديه خاصة ان ذلك الاجراء لا يجب على حاكم التحقيق اللجوء اليه الا استثناء.

    29- وعلى حاكم التحقيق التقيد بالتنصيصات التي يجب ان تشتمل عليها بطاقة الجلب وفق ما نصت عليه احكام الفصل 81 من م ا ج ([27]) .ولقد رتب المشرع المؤاخذة التاديبية لقاضي التحقيق ان اخل بالتنصيصات المشار اليها بالفصل 81 المذكور وذلك تطبيقا لاحكام الفصل 83 من نفس القانون الذي ورد به : "عدم مراعاة الصيغ القانونية في تحرير البطاقات القضائية لا يترتب عنه بطلانها الا ان ذلك يوجب المؤاخذة التاديبية والغرم عند الاقتضاء .
ويكون البت في كل نزاع يتعلق بموضوع البطاقة او بمدى مساسها بالحرية الفردية من اختصاص القضاء العدلي وحده ."

وضرورة اشتمال بطاقة الجلب على تلك التنصيصات هي من تجليات قرينة البراءة في مرحلة التحقيق لتفادي ايقاف شخص عن طريق الخطا وما قد ينجر عن ذلك من مساس باعتبار الشخص المشتبه به ([28]) .

الفقرة الثانية : قرينة براءة المشتبه به وضماناته امام التحقيق
يتمتع المشتبه به في مرحلة التحقيق بضمانات خلال الاستنطاق (أ) وخارج اعمال الاستنطاق (ب).

أ- ضمانات المشتبه به لدى التحقيق خلال الاستنطاق :

1- اشعار حاكم التحقيق المشتبه به بالتهمة وحقه في إنابة محام :

    30-  على حاكم التحقيق قبل سماع المشتبه به تدوين تصريحاته واعلامه بالتهمة او التهم المنسوبة له والفصول المنطبقة عليها تطبيقا لاحكام الفقرة الاولى من الفصل 69 من م ا ج التي جاء بها :" يثبت حاكم التحقيق هوية ذي الشبهة عند حضوره لاول مرة ويعرفه بالافعال المنسوبة اليه والنصوص القانونية المنطبقة عليه ويتلقى جوابه بعد ان ينبهه بان له الحق في الا يجيب الا بمحضر محام يختاره وينص على هذا التنبيه بالمحضر .
فاذا رفض ذو الشبهة اختيار محام او لم يحضر المحامي بعد استدعائه كما يجب تجرى الاعمال بدون توقف على حضوره واذا كانت التهمة في جناية ولم ينتخب ذو الشبهة محاميا وطلب تعيين من يدافع عنه وجب تعيين محام له .
ويتولى هذا التعيين رئيس المحكمة وينص على ذلك بالمحضر .
ولحاكم التحقيق بدون مراعاة الفقرات المتقدمة ان يجري في الحين استنطاقا او مكافحات اذا كان هناك تاكد ناتج عن حالة شاهد في خطر الموت او عن وجود آثار على وشك الزوال او اذا توجه على العين في حالة التلبس بالجريمة .
ويجب ان يتيح الاستنطاق لذي الشبهة فرصة ابعاد التهمة عنه او الاعتراف بها.
واذا ابدى ادلة تنفي عنه التهمة فيبحث عن صحتها في اقرب وقت .
واقرار ذي الشبهة لا يغني حاكم التحقيق عن البحث عن براهين اخرى ."

ويتحتم على حاكم التحقيق عملا بما ورد بالفقرة المذكورة ارجاء استنطاق المشتبه به ان طلب منه ان لا يكون ذلك الا بحضور محام يتولى المناضلة عنه وفي ذلك ضمانات اكيدة للمشتبه به مع الاشارة الى ان حضور المحامي الى جانب ذي الشبهة عند استنطاقه من قبل الباحث بمقتضى انابة من حاكم التحقيق اضحى ممكنا وفق احكام الفقرة الثانية من الفصل 57 من م ا ج المنقح بالقانون عدد 70 لسنة 1987 المؤرخ في 26/11/1987 التي جاء بها :" اذا اقتضى تنفيذ الانابة سماع المظنون فيه فعلى ماموري الضابطة العدلية اعلامه بان له الحق في اختيار محام للحضور معه والتنصيص على ذلك بالمحضر . فاذا اختار المظنون فيه محاميا يتم اعلامه فورا من طرف مامور الضابطة العدلية بموعد سماع منوبه والتنصيص على ذلك بالمحضر. وفي هذه الصورة لا يتم السماع الا بحضور المحامي المعني الذي يمكنه الاطلاع على اجراءت البحث قبل ذلك ما لم يعدل المظنون فيه عن اختياره صراحة او يتخلف المحامي عن الحضور بالموعد وينص على ذلك بالمحضر ." ولعل الحاجة ملحة في ان تكون تلك النيابة لازمة في كامل الابحاث الاولية التي ينجزها الباحث وخاصة عند الاحتفاظ بالمشتبه به.

وما تجدر الاشارة اليه ان حضور المحامي الى جانب ذي الشبهة لدى التحقيق من اهم الضمانات التي من شانها ان تؤمن تحقيق العلنية خاصة انه يجسد حقا من حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه ودرء التهمة عنه .ولقد اقر المشرع حق المحامي في الاطلاع على اوراق القضية التحقيقية بالفصل 72 من م ا ج وذلك قبل تاريخ استنطاق ذي الشبهة بيوم .

وما يلاحظ ان فقه قضاء محكمة التعقيب قد ذهب اخيرا الى منحى فيه تراجع عن النزعة الحمائية للمشتبه به ضرورة انه اشترط وجوب توفر ضرر في جانب المتهم للتمسك ببطلان الاجراء ، فلقد ورد في ذلك المعنى بالقرار التالي الصادر بتاريخ 8/12/2007 :"  مما لا شك فيه أن حاكم التحقيق يثبت هوية ذي الشبهة عند حضوره لأول مرة ويعرفه بالأفعال المنسوبة إليه وبالنصوص القانونية المنطبقة عليها ويتلقى جوابه بعد أن ينبه بأن له الحق في الا يجيب إلا بمحضر محام يختاره وينص على ذلك التنبيه بالمحضر".

لئن كان الحضور الأول وإجراءات الإستنطاق الأول في مجمله يأتي ضمن القواعد التي لها علاقة بقواعد النظام العام -وإن كانت في ظاهرها لها علاقة بمصلحة المتهم الشرعية في الدفاع- وتنتهي الإجراءات بالبطلان إذا لم تحترم مجمل الضوابط فإن مضمون الحضور الأول والاستنطاق الأول تفصيلا، كما في صورة عدم ذكر النص القانوني المنطبق، اعتمد فقط لمصلحة المتهم الشرعية في الدفاع ،وقد إستقر الرأي فقها وقضاء على أن حق الدفاع يُعدّ من قبيل الإجراءات التي تظل مرتبطة بالمصلحة الخاصة التي لا يمكن ان تؤدي إلى شيء من البطلان إلا إذا ثبت الضرر، ويكره إثارته أول مرة أمام محكمة التعقيب، وذلك تفصيل لم يُورده الفصل 199 من مجلة الإجراءات الجزائية وإنما هو فهم قضائي لمحتواه تردد في العديد من القرارات تأثرا ببعض المذاهب الفقهية.
إنه بتعهد دائرة الإتهام، ما كان لها أن تثير تلقائيا نقاطا لها علاقة بالمصلحة الخاصة، لتنتهي إلى بطلان الإجراءات عملا بأحكام الفصل 199 من م.إ.ج." ([29])

2 - توجيه الاتهام :

   31-  كما تقدم فان حاكم التحقيق يتعهد بملف القضية بقرار صادر عن النيابة العمومية من حيث الاصل بما انه يمكن ان يتعهد بالبحث في تهمة معينة بقرار صادر عن دائرة الاتهام .

وفي جميع الصور فانه ملزم بتعريف المشتبه به بالتهمة والنصوص المنطبقة عليها وفقا لاحكام الفصل 69 من م ا ج وفي اطار قرينة البراءة التي تظل في جانب المشتبه به الى ان يثبت خلاف ذلك فان لهذا الاخير رد التهمة عنه بجميع وسائل الاثبات تطبيقا لاحكام الفقرات السادسة والسابعة والثامنة من الفصل 69 من م ا ج التي ورد بها :" ويجب ان يتيح الاستنطاق لذي الشبهة فرصة ابعاد التهمة عنه او الاعتراف بها.
واذا ابدى ادلة تنفي عنه التهمة فيبحث عن صحتها في اقرب وقت .
واقرار ذي الشبهة لا يغني حاكم التحقيق عن البحث عن براهين اخرى. "

   32- علاوة على ما تقدم فان للمشتبه به الحق في الصمت بالامتناع عن الاجابة عند استنطاقه من قبل حاكم التحقيق وذلك تطبيقا لاحكام الفصل 74 من م ا ج الذي ورد به : " اذا امتنع ذو الشبهة عن الجواب او اظهر عيوبا تمنعه وليست فيه فان حاكم التحقيق ينذره بان البحث في القضية لا يتوقف على جوابه وينص على هذا الانذار بالتقرير " ([30]) .

ب: ضمانات المشتبه به لدى التحقيق خارج اعمال الاستنطاق :

في الحقيقة تتعدد في ذلك الحقوق ويمكن ان نوجزها كما يلي:

1- حرمة المسكن :

    33-  كما هو الحال في البحث الاولي فانه يتحتم مراعاة حرمة مسكن المظنون فيه .ولقد نظم المشرع احكام التفتيش الذي يجريه حاكم التحقيق بالفصول 93 ([31]) و 94 و 95 و 96 من م ا ج .ولقد كرس الدستور حرمة المسكن وسرية المراسلات والمعطيات الشخصية وعدها مضمونة وفق ما اقتضاه فصله التاسع([32]) .

2-  الاختبـــــــــار :
    34-  نظم المشرع احكام اجراء الاختبار من قبل السيد حاكم التحقيق بالفصول 101 و 102 و 103 من م ا ج ([33]) . وفي اطار نفي المشتبه به الجريمة عن نفسه واثبات براءته فله طلب اجراء اختبار فيما يتعلق بالتهمة المنسوبة له خاصة اذا تعلق الامر بمسالة تحتم معرفة راي اهل الخبرة هذا اضافة الى انه للمشتبه به القدح في الخبير، والمعارضة في انتدابه .

3- المحجـــــوز :
    35-  لقد الزم المشرع بالفصل 97 من م ا ج حاكم التحقيق في اطار سعيه الى البحث عن الجريمة بحجز ما من شانه ان يعينه على كشف الحقيقة ، كما الزمه بتحرير تقرير في ذلك بحضور المشتبه به ، فلقد ورد بالفقرتين الاولى والثانية من الفصل 97 من م ا ج :" على حاكم التحقيق ان يبحث عن الاوراق والاشياء التي من شانها الاعانة على كشف الحقيقة وان يحجزها .

وتحرر قائمة في المحجوز بمحضر ذي الشبهة او من وجد عنده ذلك المحجوز ان امكن ويحرر تقرير في الحجز ".

وحضور المشتبه به عملية حجز وسائل اثبات من قبل حاكم التحقيق ضمانة اكيدة خاصة ان المحجوز يعرض عليه وله نسبته اليه او نفي ذلك .
وغني عن القول ان للمشتبه به في اطار نفي الاتهام عن نفسه والتحصن بقرينة البراءة كما تقدم ان يضيف الى حاكم التحقيق ماله من دفوعات كتابية ، كما له التمسك باجراء ابحاث معينة او اختبارات او التحرير على الشهود او اشخاص لهم صلة بالاتهام.

4- الحق في الطعن في قرارات حاكم التحقيق :

    36-  منح المشرع المشتبه به حق الطعن بالاستئناف في قرارات حاكم التحقيق المضرة به سواء صدرت اثناء سير التحقيق او عند صدور قرار ختم بحث في شانه، فلقد ورد في ذلك المعنى بالفقرة الاولى من الفصل 87 مــــــــن م ا ج: " القرار الصادر عن قاضي التحقيق في الافراج المؤقت او رفضه او في تعديل او رفع قرار التدبير يقبل الاستئناف لدى دائرة الاتهام من طرف وكيل الجمهورية والمظنون فيه او محاميه قبل مضي اربعة ايام من تاريخ الاطلاع بالنسبة لوكيل الجمهورية ومن تاريخ الاعلام بالنسبة لمن عداه كما يقبل الاستئناف من الوكيل العام في ظرف العشرة ايام الموالية لصدور القرار ."

كما جاء بالفقرة الاخيرة من الفصل 109 من م ا ج :" وقرار الاحالة على دائرة الاتهام يعلم به المظنون فيه ويكون له حق استئنافه" ([34]) .

  





الجــــــزء الثاني :
 قرينة البراءة وضمانات المتهم اثناء المحاكمة الجزائية


    37-  كما تقدم فلقد نصت اغلب الدساتير والتشاريع الوطنية والمواثيق والاتفاقالت الدولية على ضمانات المتهم اثناء المحاكمة الجزائية . ويمكن تصنيف هذه الضمانات الى ضمانات اجرائية ( مبحث اول ) واخرى موضوعية (مبحث ثاني ) .

المبحث الاول : الضمانات الاجرائية للمحاكمة العادلة :
سنتعرض في اطار هذا المبحث الى ست ضمانات : مبدا الشرعية ( فقرة اولى)، علنية المحاكمة ( فقرة ثانية ) ، شفوية اجراءات المحاكمة واحترام مبدا المواجهة ( فقرة ثالثة ) ،حق المتهم في المثول امام محكمة محايدة ومنصفة (فقرة رابعة ) ومتخصصة ( فقرة خامسة ) ، حق المتهم في انابة محام للدفاع عنه ( فقرة سادسة ) .

الفقرة الاولى : مبــــدا الشرعيـــــــــــة الاجرائيـــــة الجزائيــــــة  :

     38-  ان لقاعدة شرعية الاجراءات الجزائية سندها في الشريعة الاسلامية، فلقد جاء بالذكر الحكيم في قوله تعالى في ذلك : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاَ "([35]). كما يقول عز جلاله في المعنى نفسه: " وَمَا كَان رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القُرَى إِلاَّ وَأهْلُهَا ظَالِمُون " ([36]). كما يقول تبارك وتعالى ايضا في محكم تنزيله: " لَئِلاَّ يَكُونَ لِلنَاسِ عَلَى اللًَهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّه عَزِيزًا حَكِيمًا" ([37]).

ولقد نص على مبدا الشرعية الجزائية الدستور التونسي بالفصل 13 الذي جاء به : "العقوبة شخصية ولا تكون الا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع عدا حالة النص الارفق" .
وهو ما اقتضاه ايضا الفصل الاول من المجلة الجزائية الذي ورد به :" لا يعاقب احد الا بمقضتى نص من قانون سابق الوضع لكن اذا وضع قانون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه ارفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون غيره".

ولقد اكدت محكمة التعقيب ذلك في قرارها التالي الذي ورد به : لا جريمة دون قانون نص عليها صراحة استنادا الى القاعدة الاصولية المعروفة بان الاصل في الامور الاباحة وان المنع او الحضر او التجريم هو خلاف للاصل وانه لا عقاب يوقع الجزاء لفعل معين او الامتناع عن فعل ما بدون نص قانوني صريح مسبق الوضع ([38]) .

    39-  وتطبيق المحكمة المتعهدة بالقضية النص الارفق للمتهم فيه ضمانة لهذا الاخير ، اذ تقول محكمة التعقيب :القانون الجديد الصادر بعد ارتكاب الجريمة وقبل الحكم البات فيها ينسحب على الماضي اذا ما كان ارفق بالمتهم فانه يحاكم بمقتضاه دون سواه ( [39]) .


     40-  وقاعدة شرعية الجرائم والعقوبات تحتم على المحكمة المتعهدة بالتهمة ان لا تتوسع في تاويل نصوص القانون الجزائي بما قد يضر بمصلحة المتهم الشرعية ، وهو امر اكدته محكمة التعقيب اذ تقول :على القاضي الجزائي ان لا يخرج عن حدود النص وعما تقتضيه عباراته وانه لا يمكن في المادة الجزائية ان يقيس الوقائع ببعضها بعض متى كانت لكل واقعة نص قانوني يمكن ان يستوعبها بالتطبيق دون خرق القانون . ([40]) كما ورد بقرار آخر في السياق نفسه : تقتضي قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات ان لا يعمد القاضي في تفسير النص على حرفيته بل ينبغي له ان يبحث عن مقاصد الشارع وعن الغرض الذي يرمي اليه من تجريم الفعل والذي يتمثل في حماية الافراد .....([41]).


الفقرة الثانية : علانية المحاكمــــة
     41- ان علانية جلسة المحاكمة ضمانة لشفافيتها وعلامة دالة على نزاهة المحكمة، وهي من شانها ان تؤمن احترام اجراءات التقاضي والمحاكمة بصفة قانونية، ولقد ورد بفقه القضاء في ذلك : لئن كانت الإجراءات الجزائية في معظمها إجراءات إستقرائية ينكمش فيها، مبدأ الحياد في مفهومه الفني وتنصرف يد الباحث إلى جميع الأماكن التي قد توجد بها أشياء تساعد على إظهار الحقيقة إلا أن مرحلة المحاكمة، وعلى خلاف طور التحقيق، تكون الإجراءات فيها إدعائية تقف عند حد المواجهة والشفاهية والعلانية فلا يمكن للحاكم أن يبني حكمه إلا على حجج قدمت أثناء المرافعة وتم التناقش فيها أمامه شفويا وبمحضر جميع الخصوم.([42])

     42-  وعلى المحكمة استدعاء المتهم ان كان بحالة سراح كما يتحتم عليها جلبه لحضور الجلسة ان كان مودعا بمؤسسة سجنية وذلك تطبيقا لاحكام الفصول 134 و 135 و 137 من م ا ج ([43]) .

43- ووفقا لاحكام الفصل 143 من م ا ج " تكون المرافعات علنية وبمحضر ممثل النيابة العمومية والخصوم الا اذا رات المحكمة من تلقاء نفسها او بناء على طلب ممثل النيابة العمومية اجراءها سرا محافظة على النظام العام او مراعاة للاخلاق الحميدة وينص على ذلك بمحضر الجلسة ".
ومحاكمة المشتبه به في جلسة علنية وشفوية من شانه ان يؤكد نزاهة القضاء، فحضور الجمهور جلسة المحاكمة شهادة على براءة المشتبه به ان صرح بها وكذلك شهادة على ادانته اذا نطقت المحكمة بذلك ([44]). ويحتم مبدا شفوية المرافعة على المحكمة سماع كل اطراف القضية وشهودهم واهل الخبرة عند الاقتضاء وكذلك ممثل النيابة العمومية .

    44-  وكما هو الحال في الاستدعاء الموجه للمظنون فيه للحضور لدى السيد حاكم التحقيق فان الاستدعاء الذي يوجه له للحضور لجلسة المحاكمة يجب ان يتضمن ما يلي :
-      بيان المحكمة المتعهدة بالقضية ومكان وساعة وتاريخ الجلسة .
-      بيان الفعل الواقع من اجله التتبع والنص القانوني المنطبق عليه .
واخلال المحكمة المتعهدة بالنظر في التهمة باجراءات استدعاء المظنون فيه يعد انتهاكا للضمانات التي يجب ان يتمتع بها .

     45-  ولقد ابدت محكمة التعقيب تشددا بخصوص وجوب تبيلغ المظنون فيه الاستدعاء للجلسة قبل محاكمته ، اذ تقول محكمة التعقيب :اذا لم يشعر المتهم بيوم الجلسة وصدر الحكم ضده فذلك يعد من قبيل خرق القانون والاخلال بحقوق الدفاع مما يؤدي حتما الى النقض .( [45])

كما ورد بقرار اخر في السياق نفسه : جذر الاستدعاء الخالي من امضاء المستدعى ومن التنصيص على سبب ذلك مع عدم علمه بجلسة الحكم يكون به الاستدعاء باطلا وينقض من اجله الحكم ([46]).

ولقد عدت محكمة التعقيب اخلال المحكمة باجراءات استدعاء المتهم للحضور لديها مساسا بمصلحته الشرعية موجبا لنقض الحكم المعقب .([47])

الفقرة الثالثة: شفوية اجراءات المحاكمة واحترام مبدا المواجهة

    46- تتجلى شفوية اجراءات المحاكمة بدءا من الجلسة الافتتاحية وانتهاء بجلسة النطق بالحكم علنا ([48]). وعلى المحكمة احترام مبدا شفوية اجراءات المحاكمة لما تحققه من ضمانات للمظنون فيه ، ولقد كرس المشرع مبدا المواجهة في المحاكمة الجزائية بالفصل 151 من م ا ج الذي جاء به : " لا يمكن للحاكم ان يبني حكمه الا على حجج قدمت اثناء المرافعة وتم النقاش فيها امامه شفويا وبمحضر جميع الخصوم" ،وهو امر اقرته محكمة التعقيب في عديد القرارات اذ تقول : " لا يمكن للقاضي أن يبني حكمه الا على حجج قدمت اثناء المرافعة وتم التناقش فيها أمامه شفويا بمحضر الخصوم وتأسيسا على ذلك فان الحكم الذي يستند على وثائق ويبني قضاءه عليها في حين ان النيابة العمومية لم تتمكن من الاطلاع عليها ومناقشتها يعتبر مخالفا لقواعد الاجراءات الاساسية الوارد بها الفصل 151 اجراءات جزائية التي يقع التمسك بها في كل درجة من درجات المرافعة لمساسها بقواعد النظام العام ويبطل بها الحكم([49]) .

كما جاء بقرار اخر في المعنى نفسه: لا يمكن للحاكم أن يبني حكمه إلا على حجج قدمت أثناء المرافعة وتم التناقش فيها أمامه شفويا وبمحضر جميع الخصوم وذلك عملا بأحكام الفصل 151 من مجلة الاجراءات الجزائية.
إهمال المحكمة الرد على الدفوعات الجوهرية التي أثارها لسان الدفاع دون تعليل ذلك وإهمالها ذكر صفة المتهمين ومقراتهم وسوابقهم العدلية بكيفية واضحة يعتبر نقصا في الاجراءات الأساسية المنصوص عليها في الفصل 168 من مجلة الاجراءات الجزائية وإخلالا جوهريا له ارتباط بالنظام العام تثيره المحكمة تلقائيا على معنى الفصل 269 من المجلة المذكورة.([50])
كما ورد ايضا بقرار اخر في السياق نفسه : ولئن اقتضى القانون أن القاضي يحكم حسب وجدانه فمن الواجب أن يبني حكمه على حجج ووثائق قدمت أثناء المرافعة وتم النقاش فيها دون إهمال لقرائن تخالف النتيجة التي انتهى إليها مما يجعل حكمه عرضة للنقض([51])
وجاء ايضا بقرار اخر في المعنى نفسه: لئن كان الحاكم يقضي حسب وجدانه الخالص فان الاحكام لا تبنى نهاية على التخمين والضن بل على اليقين والجزم ولا يمكن للحاكم ان يبني حكمه الا على حجج قدمت اثناء المرافعة وتم التناقش فيها امامه شفويا وبمحضر جميع الاطراف  ([52]).





الفقرة الرابعة: حق المتهم في المثول امام محكمة محايدة ومنصفة
     47-  لقد كرست الشريعة الاسلامية حق المتهم في محاكمة منصفة، فلقد ورد ذلك في العديد من الآيات القرآنية اذ يقول عز شانه في محكم تنزيله :" وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ " ([53]) " وَإِنْ حَكَمْتُمْ فَأَحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إِنَّ الله يُحِبُّ المُقْسِطِين " ([54]) " فَأحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِن الحَقِّ " ([55]) ." وَلاَ يَجَرِّمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَومٍ عَلَى أَنْ لاَ تَعْدِلُوا ، إِعْدِلُوا هُو أَقْرَبُ لِلْتَقْوَى" ([56]).

    48- ويقول احد شراح القانون عن حرص الاسلام على الحق في محاكمة عادلة انه  ورد التاكيد على عدالة القضاة في قول الرسول  صلى الله عليه وسلم :" القضاة ثلاثة : قاض في الجنة ، وقاضيان في النار ، فاما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضى به ، ورجل عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار ، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار " ([57]) .

    49- ولا نزاع ان استقلالية المحكمة المتعهدة بالبت في القضية وحيادها ركيزة اساسية من شانها ان تنصف المشتبه به ، فالقاضي محمول على النزاهة والحياد في قضائه، وهو امر نص عليه المشرع بالفصل 23 من القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 المتعلق بنظام القضاء والمجلس الاعلى للقضاء والقانون الاساسي للقضاة الذي جاء به : "على القضاة ان يقضوا بكامل التجرد وبدون اعتبار للاشخاص او المصالح وليس لهم الحكم في قضية استنادا لعلمهم الشخصي ولا يمكنهم المناضلة شفويا او كتابة ولو بعنوان استشارة في غير القضايا التي تهمهم شخصيا ".








الفقرة الخامسة : حق المظنون فيه في المثول امام محكمة متخصصة:
    50-  ان المحاكمة المنصفة حق مشروع للمشتبه به الذي يفترض ان يحاكم من محكمة متخصصة في المادة الجزائية وان لا نص قانوني في الحقيقة يحتم ذلك .
وعن اهمية تخصص القضاء الجزائي يقول احدهم : ان التخصص من شانه ان ينمي روح الخلق والابداع لدى القاضي ويجعل منه ذا افق واسع في ادراك المسائل الجنائية ووضع الحلول الجنائية لها ([58]).
وتعود اهمية تخصص القاضي كما يقول بعضهم الى تطور السياسة الجنائية التي لم تعد معها وظيفة القاضي قاصرة على تفهم الواقعة وتطبيق حكم القانون عليها بل تقع على عاتقه دراسة الاسباب المؤدية للجريمة ([59])

الفقرة السادسة : حق المتهم في انابة محام للدفاع عنه  
    51- ان احترام المحكمة المتعهدة بملف القضية حقوق دفاع المشتبه به يحتم عليها تمكينه من انابة محام للمناضلة عنه علما ان ذلك الاجراء ووفقا لاحكام الفقرة السادسة من الفصل 141 من م ا ج ([60]) يعد وجوبيا في الجنايات سواء كانت القضية منشورة بالطور الابتدائي او الاستئنافي .ولقد ورد بالقرار التالي في ذلك المعنى : المحامي المسخر لفائدة المتهم عن طريق هيئة المحامين التي أفادت إعلامه بتسخيره ودعوته للحضور بجلسة الحكم للدفاع عن منوبه القانوني ولم يكن المحامي أمضى بجذر التعيين والتبليغ ولم يحضر بالجلسة فلا يعتبر على علم ولا يحاكم المتهم بتلك الجلسة بدون دفاع من أحد المحامين. فالحكم عليه بذلك يكون خارقا للقانون وهاضما للدفاع فيستوجب النقض([61]) .

     52- واحترام المحكمة حقوق الدفاع يحتم عليها تمكين المتهم ودفاعه من الاطلاع على كامل وثائق ملف القضية تطبيقا لاحكام الفصل 193  من م ا ج([62]) فضلا عن الاستجابة لطلب التاخير الذي قد يتمسك به المحامي بجلسة المحاكمة لاعداد وسائل دفاعه تحت طائلة نقض القرار محل الطعن، اذ تقول محكمة التعقيب : عدم استجابة المحكمة لطلب لسان الدفاع المتمثل في تاخير الجلسة لتعذر الحضور على المتهمة بسبب اقامتها بالمستشفى يعد هضما لحقوق الدفاع ومساسا بمصلحة المتهم الشرعية ([63]).

    53- وحضور المحامي الى جانب موكله في المحاكمة الجزائية من شانه ان يساهم في محاكمته محاكمة عادلة تضمن له فيها كافة حقوقه ناهيكم ان محكمة التعقيب قد اقرت حق المحامي في اضافة تقرير للمحكمة في دفاعه عن موكله حتى وان لم يكن حاضرا بالجلسة فلقد جاء في ذلك المعنى بفقه القضاء :" عدم حضور المتهم بالجلسة مع محاميه لا يمنع هذا الأخير من تقديم تقرير كتابي في دفاعه يناقش فيه التهمة جزائيا ومدنيا ولا حق للمحكمة في رفض قبوله عليه بدون تعليل فرفضه والحالة تلك فيه هضم لحقوق الدفاع يوجب نقض الحكم.([64])
كما ورد بقرار اخر في المعنى نفسه :ولئن لم يحضر المعقب بالجلسة رغم بلوغ الاستدعاء إليه شخصيا فقد استقر عمل المحاكم على عدم السماح للمحامي الترافع في حق منوبه المتهم الذي لم يحضر بالجلسة لكن لا شيء يمنعه من تقديم مرافعته في شكل تقرير كتابي يناقش فيه التهم.([65])




المبحث الثاني :الضمانات الموضوعية للمحاكمة العادلة ([66]):

سندرس في هذا الاطار، اولا ، حق المتهم في القدح في الشهود وطلب سماع بينته ونفي التهمة عن نفسه ( فقرة اولى ) ، لنتعرض لاحقا الى مسألة صدور الحكم الجزائي وقرينة البراءة ( فقرة ثانية ) .

الفقرة الاولى: حق المتهم في القدح في الشهود وطلب سماع بينته ونفي التهمة عن نفسه

    54- كما هو الامر لدى التحقيق فللمشتبه به ابداء ما له من قوادح قانونية وفعلية في جانب الشهود عملا باحكام الفصل 96 من م م م ت ، وهو يتمتع في هذا الاطار بالحصانة المنصوص عليها بالفصل 66 من مجلة الصحافة ([67])التي تحول دون المساءلة عما قد ينطوي عليه الدفاع الذي يبديه امام القاضي من جرائم ثلب وشتم وهضم للجانب([68]) .

   55- ولقد تعرض المشرع بالفصل 143 من م ا ج الذي نظم اجراءات المحاكمة الى سماع المحكمة اطراف القضية والخبراء والشهود فلقد ورد بذلك الفصل " ...ثم تعرض اوراق القضية ، وينادى على الشهود والخبراء وتقدم اوجه التجريح فيهم ويبت فيها ويسمع مقالهم عند الاقتضاء .."

    56- وللمظنون فيه لاثبات براءته طلب التحرير على شهوده ،وهو حق يجد سنده في احكام الفقرة الاولى من الفصل 144 من م ا ج التي جاء بها : "تسمع المحكمة من ترى فائدة في سماع شهادته "،وهو امر كرسه فقه القضاء في العديد من القرارات اذ تقول محكمة التعقيب : رفض محكمة الموضوع سماع بينة المتهم بمقولة ان الزور ثابت بالسند التجاري تعليل غير مقنع ضرورة ان طلب سماع البينة يرمي الى اثبات انعدام الزور وليس للمحكمة البت في التهمة قبل استنفاد كافة الاستقراءات والابحاث والدفوع المثارة من قبل اطراف القضية ومن بينها سماع الشهود ([69])  .

كما ورد بقرار آخر في المعنى نفسه : " ان عدم استجابة المحكمة لطلب سماع بينة المتهم ومكافحته بمن اتهمه فيه هضم لحقوقه الشرعية "([70]) .


الفقرة الثانية : صدور الحكم الجزائي وقرينة البراءة

    57- يفترض ان المحكمة قد حجزت القضية للتصريح بالحكم علنا بعد ان اضحت القضية جاهزة للفصل واستوفى المظنون فيه ماله من دفوعات وادلى لها بمؤيداته وحدد طلباته التي يحبذ ان تكون كتابة لمحاجة المحكمة بها عند الطعن في حكمها وان كان الاصل في المادة الجزائية ان تكون المرافعات شفوية ولا شيء ينص على خلاف ذلك. والمحكمة ملزمة عند اصدار حكمها بدرس ملف القضية من الناحية الواقعية والقانونية ويفترض انها عللت ما قضت به بصفة دقيقة وتعرضت لادلة البراءة والادانة ووازنت بينها فتعليل الاحكام لازمة لصحتها اذ تقول محكمة التعقيب : [ ان تقدير الادلة واستخلاص النتائج القانونية منها وان كان من اجتهاد محكمة الموضوع المطلق الا انه عليها تعليل النتائج التي انتهت اليها تعليلا منطقيا مستساغا دون تحريف او تغيير للوقائع وبما له اصل ثابت بملف القضية وهي ملزمة باستقراء كل الادلة سواء منها على ثبوت البراءة او نفيها وبيان اسباب ترجيح احداها على الاخرى حتى تتمكن محكمة التعقيب من اجراء رقابتها على حسن تطبيق القانون ] ( [71]).

   58- وللمتهم حق الطعن في الحكم الصادر ضده بالطرق المخولة لذلك قانونا وهو من تجليات ضمان حقوقه في محاكمة عادلة ([72]).

وفي الحقيقة فان فقه قضاء محكمة التعقيب قد استقر على تغليب قرينة البراءة على فرض وجود ادلة ادانة في العديد من القرارات فلقد جاء بالقرار التالي في ذلك المعنى :لا يقتصر دور المحكمة على تحقيق ادلة الادانة فقط بل هي بالاضافة الى ذلك ملزمة باستقراء كل الادلة الدالة على ثبوت البراءة لما في ذلك من مبدا تحقق العدل والانصاف لذا فهي ملزمة بالرد على ما كان جوهريا من الدفوعات التي لها تاثير على وجه الفصل وبيان اسباب اقتناعها حتى يفسح المجال لمحكمة التعقيب في حق المراقبة  ([73]).

كما ورد بقرار اخر في السياق نفسه : لا يقتصر دور المحكمة على تحقيق ادلة الادانة بل هي بالاضافة الى ذلك ملزمة باستقراء كل الادلة الدالة على ثبوت البراءة لما في ذلك من مبدا تحقق العدل والانصاف. ([74])

وجاء ايضا بقرار اخر :  إن دور المحكمة البحث عن عناصر البراءة والإدانة على حد السواء ثم الموازنة بين مختلف تلك العناصر وترجيح ما يقنع وجدانها لتلاءم القانون على الواقعة المادية بحسب ما تستخلصه من مظروفات الملف وهو ما لم تتوخاه المحكمة ( [75]) .

كما جاء ايضا بقرار آخر حول وجوب انتفاع المتهم بالشك الذي قد يحوم في اقترافه الجرم موضوع الاحالة : درج فقه القضاء على أن الشك ينتفع به المتهم وأن تبرئة ساحة متهم أفضل من إدانة بريء. ([76])

59- وعلى المحكمة ان تصرح بترك سبيل المظنون فيه ان اتضحت لها براءته عملا باحكام الفصل 170 من م ا ج . وما يلاحظ ان المشرع قد نص بالفصل 177 من م ا ج على انه يمكن ان تحمل على المعترض الذي حكم ببراءته مصاريف الاجراءات والحكم الغيابي، وهو نص في الحقيقة يتعارض مع ما يجب توفيره للمحكوم عليه بالبراءة من ضمانات يفترض فيها انها تمكنه من اعادة اعتباره والتعويض له عما لحقه من ضرر .
 ولا يفوتنا التذكير بان المشرع قد نص على امكانية المطالبة بغرم الضرر بالقانون عدد 94 لسنة 2002 المؤرخ في 29 اكتوبر 2002 المتعلق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم ([77]).على ان يكون رفع الطلب في اجل لا يتجاوز ستة اشهر من تاريخ صيرورة الحكم المحتج به باتا والا سقط الحق تطبيقا لاحكام الفصل الثالث من القانون المذكور ، مع الاشارة الى ان محكمة الاستئناف بتونس هي التي تختص وحدها بالمطلب عملا بمقتضيات الفصل الخامس من القانون عدد 94 المذكور اعلاه  .

وفي الحقيقة فان تغليب ادلة البراءة على ادلة الادانة لا يعني بحال ان المحكمة لا توازن بين تلك الادلة لتحقيق معادلة على غاية من الاهمية وهي حرية المشتبه به وحق المجتمع والضحية في القصاص منه .







الخـاتمـــــــــــة:


      60- ان قرينة البراءة قرينة دستورية تجسد في حد ذاتها ضمانة في تتبع المظنون فيه ومحاكمته محاكمة عادلة تؤمن له فيها كافة حقوق دفاعه وهي قرينة تمنع متى قضي بها اعادة محاكمته من اجل نفس الفعل ولو بوصف اخر ولقد نص المشرع التونسي على ذلك بالفصل 132 مكرر من م ا ج.

      61- وتكريس الدساتير والتشاريع الوطنية والمواثيق الدولية قرينة براءة المشتبه به وحقوقه يعكس مدى اهميتها ، غير ان ذلك لا يحول مطلقا دون وجوب تقصي المحكمة ومن قبلها الباحث وحاكم التحقيق الادلة والبحث في الجرائم والتحقق من مدى نسبتها للمشتبه به خاصة ان تكريس براءة هذا الأخير يقابله ايضا حق المجتمع في تسليط عقاب رادع على كل من ثبتت ادانته. ومهما يكن من امر فانه لا بد عند مراعاة هذه المصلحة عدم:" التفريط في شرعية الاجراءات الجنائية التي هي الاطار التي تعمل فيه قرينة البراءة " ([78]).

     62- علاوة على ما سلف فان الحديث عن ضمانات الدفاع وحقوق المشتبه به وقرينة البراءة يظل دون أهمية ان لم تفعل تلك الضمانات ضمن نصوص تشريعية ودستورية ودولية دقيقة تحتم على المحاكم ترتيب الأثر اللازم على خرقها خاصة إذا مست بمصلحة المتهم الشرعية ([79]) ولسان دفاعه الذي يجب ان يتمتع بحصانة قوية تؤهله للقيام بواجبه في كنف الاستقلالية والطمأنينة بعيدا عن الضغوط التي قد تمارس ضده وبمنأى عن التتبعات الكيدية ([80]).


[1] ) هذه المحاضرة كانت القيت بالملتقى العلمي الذي نظمه الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس بتاريخ 21/05/2010 حول ضمانات الدفاع في المادة الجزائية .
[2] ) مبروك نصر الدين : عبء الاثبات في المسائل الجنائية ، المجلة العربية للفقه والقضاء ، افريل 2004 ، ص  77   .
[3]  )نفس المرجع المذكور بالهامش المتقدم  ،  ص  77   .
[4] ) جاء بالفصل 479 من م ا ع :" القرائن ما يستدل به القانون او الحاكم على اشياء مجهولة ".
[5]  احمد فتحي سرور: القانون الجنائي الدستوري، دار الشروق مصر ، 2002 ،  ص 280 .
[6]  احمد لطفي السيد مرعي : افتراض براءة المتهم في الفقه الوضعي والشريعة الاسلامية ، مقال منشور على الانترنات .
[7]  الآية 4 من سورة النور .
[8]  راجع في ذلك عبد القادر عوده : التشريع الجنائي مقارنا بالقانون الوضعي ، الجزء 2 ، ص 433 وما بعدها ، مشار اليه من : عادل عبد الحفيظ " قرينة البراءة ومبدا حرية الاثبات" مذكرة تخرج من المعهد الاعلى للقضاء ، ص9  .
[9]  احمد لطفي السيد مرعي : مرجع اشير اليه من سابق .
[10]  مبروك نصر الدين : مرجع اشير اليه من سابق  ، ص  80   .
[11]  راجع في ذلك احمد فتحي سرور: القانون الجنائي الدستوري ، دار الشروق مصر ، 2002 ص 272  .
[12]  نفس المرجع المذكور بالهامش السابق ، ص 276  .
[13]  جاء بالفصل 10 المذكور ما يلي : " يباشر وظائف الضابطة العدلية تحت اشراف الوكيل العام للجمهورية والمدعين العموميين لدى محاكم الاستئناف ، كل في حدود منطقته ، من سياتي ذكرهم :
1- وكلاء الجمهورية ومساعدوهم ، 2 – حكام النواحي ، 3- محافظو الشرطة وضباطها ورؤساء مراكزها، 4- ضباط الحرس الوطني وضباط صفه ورؤساء مراكزه ، 5- مشائخ التراب ،6- اعوان الادارات الذين منحوا بمقتضى قوانين خاصة السلطة اللازمة للبحث عن بعض الجرائم او تحرير التقارير فيها ، 7 – حكام التحقيق في الاحوال المبينة بهذا القانون "
[14]  جاء بفقه القضاء عن تلك السلطات المخولة للباحث:" لماموري الضابطة العدلية البحث عن كل جريمة وتحقيقها ولقاضي الموضوع الاستناد لذلك البحث لكن ليس لهؤلاء الضباط اجراء البحث في جناية غير متلبس بها الا بموجب انابة من قاضي التحقيق او من دائرة الاتهام ".( قرار تعقيبي جزائي عدد 5483 صادر بتاريخ 12 جوان 1968 ، مجلة القضاء والتشريع عدد 3-4  لسنة 1969 ، ص 43)
كما ورد بقرار اخر في المعنى نفسه : " ان مأموري الضابطة العدلية المشار اليهم بالاعداد 2 و 3 و 4 من الفصل 10 من م ا ج هم مساعدون لوكيل الجمهورية ولهم في الجنايات والجنح المتلبس بها ما له من السلط من بينها اجراء التفتيش " ( قرار تعقيبي جزائي عدد 1685 صادر بتاريخ 11 ماي 2006 ، نشرية 2006، ص 113) .
[15]  حسن بشيت خوين : ضمانات المتهم ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الاردن، سنة النشر غير مذكورة، ص 65 .
[16]  جاء بهما على التوالي :
-    101 م ج : " يعاقب بالسجن مدة خمسة اعوام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا الموظف العمومي او شبهه الذي يرتكب بنفسه او بواسطة الاعتداء بالعنف دون موجب على الناس حال مباشرته لوظيفه او بمناسبة مباشرتها " .
-    101 مكرر : " يعاقب بالسجن مدة ثمانية اعوام الموظف العمومي او شبهه الذي يخضع شخصا للتعذيب وذلك حال مباشرته لوظيفه او بمناسبة مباشرته له . ويقصد بالتعذيب كل فعل ينتج عنه الم او عذاب شديد جسديا كان او عقليا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول منه او من غيره على معلومات او على اعتراف او معاقبته على فعل ارتكبه او يشتبه في انه ارتكبه هو او غيره او تخويفه هو او غيره او عندما يقع الحاق الالم او العذاب الشديد لاي سبب من الاسباب يقوم على التمييز ايا كان نوعه  " .
[17]  الخمليشي : شرح قانون المسطرة المغربي الجزء 1 الطبعة الثالثة ، شركة بابل ،الرباط المغرب  1988، ص 263 ( مشار اليه من قبل محمد محدة : ضمانات المشتبه فيه اثناء التحريات الاولية ، دار الهدى عين مليلة الجزائر، 1991 ، ص 66   .
[18]  جاء بذلك الفصل : " يمكن اثبات الجرائم باي وسلية من وسائل الاثبات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، ويقضي الحاكم حسب وجدانه الخالص .
واذا لم تقم الحجة ، فانه يحكم بترك سبيل المتهم  ".
[19]  جهاد الكسواني : قرينة البراءة ،اطروحة دكتورا في القانون الخاص وعلوم الاجرام ، كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ، 2005-2006 ، ص 346 .
[20]  راجع في ذلك :
Bouzat ( P) ; La loyauté dans la recherche des preuves in problèmes contemporaines de procédure pénale . Mélanges . M. L Hugueny , Sirey ,  France 1964 – P161   .
يقول ذلك الفقيه عن شرعية الثبات :
"La légalité de la preuve est un principe fondamental de notre procédure pénale . Mais légalité et loyauté ont un domaine diffèrent : la première est d’ordre social , la seconde plutôt d’essence morale .
Bien qu’elle consacre la liberté de la preuve , la lois contient cependant des principes directeurs destinés à garantir la loyauté de sa recherches . Comme dans toutes Nation démocratiques , la lois assure une protection contre l’arbitraire , grâce aux conventions internationales humanitaires , constitutionnelles et aux dispositions du Code de procédure pénale ."          

[21]  راجع نصها بمؤلفنا: الاتفاقيات القضائية الدولية احكامها ونصوصها، اوربيــــس ،تـــونس 1996 ، ص 639.
[22]  قرار تعقيبي جزائي عدد 9436 صادر بتاريخ 14 فيفري 1977 ، ن 1977 ج 1 ، ص 83 .
[23]  جاء بالفصل 13 مكرر من م ا ج : " في الحالات التي تقتضيها ضرورة البحث لا يمكن لمأموري الضابطة العدلية المبينين بالعددين 3 و 4 من الفصل 10 ولو في حالة التلبس بالجناية وبالجنحة ولا لمأموري الضابطة العدلية من اعوان القمارق في نطاق ما تخوله لهم المجلة القمرقية الاحتفاظ بذي الشبهة لمدة  تتجاوز ثلاثة ايام وعليهم اعلام وكيل الجمهورية بذلك .
ويمكن لوكيل الجمهورية التمديد كتابيا في اجل الاحتفاظ مرة واحدة فقط لنفس المدة ، ويكون ذلك بمقتضى قرار معلل يتضمن الاسانيد الواقعية والقانونية التي تبرره .
وعلى مامور الضابطة العدلية ان يعلم ذا الشبهة بلغة يفهمها بالاجراء المتخذ ضده وسببه ومدته وتلاوة ما يضمنه له القانون من امكانية طلب عرضه على الفحص الطبي خلال مدة الاحتفاظ .
كما يجب على مامور الضابطة العدلية ان يعلم احد اصول او فروع او اخوة او زوجة ذي الشبهة حسب اختياره بالاجراء المتخذ ضده.
ويمكن للمحتفظ به او لاحد الاشخاص المذكورين بالفقرة السابقة ان يطلب خلال مدة الاحتفاظ او عند انقضائها اجراء فحص طبي عليه.
ويجب ان يتضمن المحضر الذي يحرره مامور الضابطة العدلية التنصيصات التالية :- اعلام ذي الشبهة بالاجراء المتخذ ضده وسببه ، - تلاوة ما يضمنه القانون للمحتفظ به ، - وقوع اعلام عائلة ذي الشبهة المحتفظ به من عدمه ، - طلب العرض على الفحص الطبي ان حصل من ذي الشبهة او من احد افراد عائلته ، - تاريخ بداية الاحتفاظ ونهايته يوما وساعة ، - تاريخ بداية الاستنطاق ونهايته يوما وساعة ، - امضاء مامور الضابطة العدلية والمحتفظ به وان امتنع هذا الاخير ينص على ذلك وعلى السبب .
وعلى ماموري الضابطة العدلية المنصوص عليهم بالفقرة الاولى من هذا الفصل ان يمسكوا بالمراكز التي يقع بها الاحتفاظ سجلا خاصا ترقم صفحاته وتمضى من وكيل الجمهورية او مساعده وتدرج به وجوبا التنصيصات التالية : - هوية المحتفظ به ، بداية الاحتفاظ ونهايته يوما وساعة ،  اعلام العائلة بالاجراء المتخذ ،  طلب العرض على الفحص الطبي ان حصل سواء من المحتفظ به او من احد اصوله او فروعه او اخوته او زوجته ."
[24]  ورد بذلك الفصل : " تكون الجناية او الجنحة متلبس بها :
اولا : اذا كانت مباشرة الفعل في الحال او قريبة من الحال .
ثانيا : اذا طارد الجمهور ذا الشبهة صائحا ورائه او وجد هذا الاخير حاملا لامتعة او وجدت به اثار او علامات تدل على احتمال ادانته بشرط وقوع ذلك في زمن قريب جدا من زمن وقوع الفعلة .
وتشبه الجناية او الجنحة المتلبس بها كل جناية او جنحة اقترفت بمحل سكنى استنجد صاحبه باحد ماموري الضابطة العدلية لمعاينتها ولو لم يحصل ارتكابها في الظروف المبينة بالفقرة السابقة ."
[25]  احمد لطفي السيد مرعي : مرجع اشير اليه من سابق .
[26]  ورد بذلك الفصل : "اذا لم يحضر ذو الشبهة او كان في حالة من الاحوال المبينة بالفصل 85 جاز لحاكم التحقيق ان يصدر ضده بطاقة جلب . وهذه البطاقة تكون مؤرخة وممضاة ومختومة ويذكر فيها ما يمييز ذا الشبهة اتم التمييز ، مع بيان موضوع التهمة والنصوص القانونية التي تنطبق عليها كما يضمن بها الاذن لكل عون من اعوان القوة العامة بالقاء القبض عليه وجلبه امام حاكم التحقيق .
واذا لم يتيسر العثور على ذي الشبهة تعرض بطاقة الجلب على محرك او شيخ مكان اقامته ليضع عليها علامة اطلاعه "
[27]  ورد بذلك الفصل : " بطاقة الايداع يحررها حاكم التحقيق ويؤرخها ويمضيها ويختمها ويذكر بها في وضوح اسم وصفة هذا الحاكم واسم ذي الشبهة وعمره التقريبي وحرفته ومكان ولادته ومحل اقامته وموضوع التهمة مع بيان النص القانوني المنطبق ، وتتضمن الامر الصادر من الحاكم الى كبير حراس السجن بقبول المتهم واعتقاله .
ويعلم ذو الشبهة بها ثم يقع تنفيذها حالا .
ولحامل بطاقة الايداع الحق : اولا : في الاستنجاد بالقوة العامة ، ثانيا : في اجراء التفتيش طبق احكام القانون للعثور على ذي الشبهة في كل مكان يغلب على الظن وجوده فيه . ويحرر في التفتيش محضر".
[28]  عادل عبد الحفيظ : قرينـة البراءة ومبدا حرية الاثبات ، رسالة تخرج من المعهد الاعلـى للقضاء ، ص 29.
[29]  قرار تعقيبي جزائي عدد 22919 صادر بتاريخ 8 ديسمبر 2007 ، ن 2007 ،ص 115 .
[30]  راجع عن حق المتهم في الصمت :
 B . H Hamouda (A) : Le silence de l’inculpé in colloque sur l’instruction , Association tunisienne de droit pénal , Tunis 1992 P 176 .
Kary ( M) : Le silence de l’inculpé , mémoire de D.E.A faculté de droit de Tunis 1990 .
[31]  ورد بالفصل 93 من م ا ج : "يجري التفتيش في جميع الاماكن التي قد توجد بها اشياء يساعد اكتشافها على اظهار الحقيقة" .
[32]  جاء حرفيا بالفصل المذكور : "حرمة المسكن وسرية المراسلات وحماية المعطيات الشخصية مضمونة الا في الحالات الاستثنائية التي يضبطها القانون" .
[33]  ورد بالفصل 101 من م ا ج :" لحاكم التحقيق ان يكلف عند الاقتضاء خبيرا او عدة خبراء باجراء بعض اختبارات ذات صبغة  فنية يضبطها لهم .
وفيما عدا صورة التاكد يعلم بذلك وكيل الجمهورية والقائم بالحق الشخصي وذا الشبهة ويكون لهم حق المعارضة في انتخاب من ذكر قبل مضي اربعة ايام محتجين بما لهم من القوادح وللمحاكم ان يبت في ذلك بقرار لا يقبل الاستئناف .
ولمحامي المظنون فيه ان يطلب الاطلاع على الملف قبل مضي ثمان واربعين ساعة من تاريخ الاعلام ."
[34]  راجع في ذلك خاصة الفصلين 87 و 109  من م ا ج .
[35]  الآية 15 من سورة الاسراء .
[36]  الآية 59 من سورة القصص .
[37]  من الآية 165 من سورة النساء .
- راجع  حسن  بن يوسف مصطفى مقابلة : الشريعة في الاجراءات الجزائية ، دار الكتب القانونية، الاردن،  2003  .
[38]  قرار تعقيبي جزائي عدد 12658 صادر بتاريخ 25 اكتوبر 2001 ، نشرية 2001 ، ص 194 .
[39]  قرار تعقيبي جزائي عدد 6351 صادر بتاريخ 9 جانفي 1982 ، نشرية 1982 ، ص 23 .
[40]  قرار تعقيبي جزائي عدد 104 صادر بتاريخ 20 اكتوبر 1987 ، مجلة القضاء والتشريع  مارس 1989 عدد 3 ص 71 .
[41]  قرار تعقيبي جزائي عدد 9952 صادر بتاريخ 18/12/1985، نشرية  1985 ، ص 163 .
[42]  قرار تعقيبي جزائي عدد 12172 مؤرخ في 22 سبتمبر 2007 ، ن 2007 ، ص 37 .
[43]  ورد بالفصل 135 المذكور :" يوجه الاستدعاء بطلب من ممثل النيابة العمومية او القائم بالحق الشخصي او كل ادارة لها قانونا الحق في ذلك .
ويتضمن الاستدعاء بيان الفعل الواقع من اجله التتبع والنص القانوني المنطبق عليه .
كما يتضمن بيان المحكمة المتعهدة ومكان وساعة وتاريخ الجلسة وصفة المستدعى متهما كان او مسؤولا مدنيا او شاهدا .     يتبــ ـــع     ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ <<<<<
.... واذا كان توجيه الاستدعاء بطلب من القائم بالحق الشخصي فيضمن به اسم هذا الاخير ولقبه وحرفته ومقره الاصلي اوالمختار .
والاستدعاء الموجه الى الشاهد يجب ان ينص فيه علاوة على ان عدم الحضور او الامتناع من اداء الشهادة او تزويرها يعاقب عليه قانونا ."
كما جاء بالفصل 137 من نفس القانون :" المظنون فيه الموقوف يستدعى بواسطة كبير حراس السجن ."
[44]  عادل عبد الحفيظ : مرجع اشير اليه من سابق ، ص 41.
[45]  قرار تعقيبي جزائي عدد 7966 صادر بتاريخ 12 افريل 1971 ،مجلة القضاء والتشريع لسنة 1972 ، ص 152 .
[46]  قرار تعقيبي جزائي عدد 12323 صادر بتاريخ 18 افريل 1984،  نشرية 1984 ، ص 24
[47]  قرار تعقيبي جزائي عدد 54063 صادر بتاريخ 12 جوان 1994 : " انه من الثابت ان صيغة الحكم لا يمكن ان تكون ببلوغ الاستدعاء للمتهم شخصيا ما لم يوقع عليه هذا الاخير او يضع ابهامه ان كان هذا الاخير اميا . وقد استقر فقه قضاء هذه المحكمة على ذلك في العديد من القرارات التعقيبية كما ان اجراءات التبليغ تهم النظام العام لمساسها بمصلحة المتهم الشرعية ." نشرية 1994 ،ص 27 .
كما ورد في السياق نفسه بالقرارات التالية :
قرار تعقيبي جزائي عدد 16380 صادر بتاريخ 22 نوفمبر 2001 : " ان تقديم تاريخ الجلسة دون اعلام المتهم بذلك القرار ينطوي على هضم لحقوقه الشرعية في الدفاع عن نفسه وعلى خرق واضح للقانون " ن 2001 ، ص 48 .
قرار تعقيبي جزائي عدد 47505 صادر بتاريخ 27 فيفري 2004 : " يكون مشوبا بخلل اجرائي الاستدعاء الموجه للطاعن للحضور امام المحكمة طالما لم ينص به على الفعل الواقع من اجله التتبع والنص القانوني المنطبق عليه ومكان وتاريخ الجلسة وصفة المستدعى متهما كان او شاهدا او مسؤولا مدنيا  " م ق ت عدد 5 لسنة 2004  ص 227.
قرار تعقيبي جزائي عدد 12832 صادر بتاريخ 8 مارس 2006 : " ان اجراءت تبليغ الاستدعاء الى المتهم مسطرة بقواعد آمرة ينجم عن عدم احترامها خرقا للاجراءات الاساسية والنظام العام وهضما لحقوق الدفاع" ، نشرية 2006 ، ص 25 .
[48]  حاتم بكار: حماية حق المتهم في محاكمة عادلة : منشاة المعارف، الاسكندرية مصر، سنة النشر غير مذكورة، ص 210
[49]  قرار تعقيبي جزائي عدد 9088 صادر بتاريخ 8 جوان 1974 ، ن 1974 ج 2 ، ص 62 .
[50]  قرار تعقيبي جزائي عدد 18460 صادر بتاريخ 21 جانفي 1987 ، ن 1987 ، ص 90 .
[51]  قرار تعقيبي جزائي عدد 47249 صادر بتاريخ 3 ماي 2004 ، ن 2004 ، ص 47 .
[52]  قرار تعقيبي جزائي عدد 23768 صادر بتاريخ 5 جانفي 2008 ، ن 2008 ، ص 173 .
[53]  الآية 58 من سورة النساء .
[54]  الآية 42 من سورة المائدة .
[55]  الآية 47 من سورة المائدة .
[56]  الآية 7 من سورة المائدة .
[57]  حسن بشيت خوين : مرجع اشير اليه من سابق ، ص 14.
[58]  حسن بشيت خوين : ضمانات المتهم في الدعوى الجزائية الجزء 2 – خلال مرحلة المحاكمة ، مرجع اشير اليه من سابق ، ص 75 .
[59]  سنية الجريدي: ضمانات المتهم ، مجلة الاخبار القانونية ، ديسمبر 2007 ، ص 8 .
[60]   ورد بتلك الفقرة : "والاستعانة بمحام وجوبية امام المحكمة الابتدائية المنتصبة بمقر محكمة استئناف عندما تنظر في الجنايات وكذلك امام الدائرة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف . فاذا لم يعين المتهم محاميا يعين الرئيس من تلقاء نفسه احد المحامين للدفاع عنه ".
[61]  قرار تعقيبي جزائي عدد 3896 صادر بتاريخ 3 فيفري 1982 ، ن 1982 ، ص 67 ومنشور ايضا بـ م ق ت عدد 6 ، لسنة 1983 ، ص 99 .
[62]  ورد بذلك الفصل : " لنواب الخصوم الحق في الاطلاع على اوراق القضية عند احالتها على المحكمة .
والاطلاع على الملف بعد ترقيم اوراقه والتوقيع عليها يقع بكتابة المحكمة "
[63]  قرار تعقيبي جزائي عدد 54414 صادر بتاريخ 15 افريل 1993 ،  ن 1993 ص 139 .
[64]  قرار تعقيبي جزائي عدد 9503 صادر بتاريخ 20 جويلية 1983 ، ن 1983 ، ص 67 .
[65]  قرار تعقيبي جزائي عدد 31757 صادر بتاريخ 14 ديسمبر 1989 ، ن 1989 ، ص 22 .
[66]  حول المحاكمة العادلة ، راجع : عبد الله الاحمدي : المحاكمة العادلة في المادة الجزائية – مجلة اخبار القانونية ، جوان 2007 ، ص 26 .
[67]  ورد بالفقرات 2 و 3 و 4 من ذلك الفصل : " ولا تترتب أية دعوى من اجل الثلب او الشتم او هضم الجانب عن الوصف المطابق الصادر عن حسن نية للمرافعات العدلية او الخطب الواقع القاؤها لدى المحاكم او الكتابات المقدمة اليها .
غير انه يمكن للحكام المتعهدين بالقضية والذين ينظرون في الاصل الاذن بالغاء الخطب المتضمنة للشتم او هضم الجانب او الثلب والحكم بغرم الضرر عند الاقتضاء على من صدر عنه ذلك
لكن يمكن للمتضرر من الثلب الخارج عن الدعوى القيام بدعوى مدنية اذا حفظت المحاكم حقه في ذلك ويمكن للغير في جميع الحالات القيام بالدعوى المدنية "
[68]  راجع حول هذه الحصانة : هشام كباو ، حصانة المحامي ، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ، كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ، 2009-2010 ، ص 7 وما بعدها .
[69]  قرار تعقيبي جزائي عدد 48894  صادر بتاريخ 15/12/2009  ، غير منشور .
[70]  قرار تعقيبي عدد 3558 صادر بتاريخ 15 اكتوبر 2005 ، نشرية 2005 ، ص 132 .
[71]  قرار تعقيبي جزائي عدد 7547 صادر بتاريخ 28 افريل 2007 ، نشرية  2007 ص 89.
[72]  راجع في ذلك مؤلفنا : " طرق الطعن في الاحكام الجزائية ، اوربيس تونس 1995 .
[73]  قرار تعقيبي جزائي عدد 15276 صادر سنة 1985 ، نشرية محكمة التعقيب لسنة 1985 ، ص 44 .
[74]  قرار تعقيبي جزائي عدد 1181 صادر بتاريخ 03/10/2000 ، نشرية محكمة التعقيب لسنة 2000 ، ص 106 .
[75]  قرار تعقيبي جزائي عدد 12436 مؤرخ في 5 افريل 2006 ، ن 2006 ، ص 155 .
[76]  قرار تعقيبي جزائي عدد 2859 مؤرخ في 17 اكتوبر 2005 ، م ق ت عدد 3 مارس 2006 ، ص 241.
[77]  نص الفصل الاول من ذلك القانون على ما يلي :"يمكن لكل من اوقف تحفظيا او نفذت عليه عقوبة السجن مطالبة الدولة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحقه من جراء ذلك في الاحوال التالية :
-          اذا صدر ضده قرار بحفظ التهمة اما لان الفعلة لا تتألف منها جريمة او لانه لا وجود لها اصلا او لانه لا يمكن نسبتها الى المتهم .
-          اذا صدر ضده حكم بالسجن ثم ثبتت براءته بوجه بات للاسباب المذكورة اعلاه .
-          اذا صدر ضده حكم في موضوع سبق ان اتصل به القضاء ."
[78]  مبروك نصر الدين : مقال مشار اليه من سابق،  ص 81 .
[79] جاء بالفصل 199 من م ا ج: تبطل كل الاعمال والاحكام المنافية للنصوص المتعلقة بالنظام العام او للقواعد الاجرائية الاساسية او لمصلحة المتهم الشرعية
و الحكم الذي يصدر بالبطلان يعين نطاق مرماه
[80]  راجع حول حصانة المحامي : مؤلفنا اصول مهنة المحاماة دراسة مقارنة ، الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم ، الطبعة الاولى ، تونس 2008 ، ص 78 ؛ راجع كذلك هشام كباو :حصانة المحامي، مرجع اشير اليه من سابق  .